الحديث عنها، وهي من أجمل الآثار المملوكية، وقد جدّدتها وزارة الأوقاف بإرشاد إدارة الآثار فرجعَت كيوم فرغ من بنائها بانيها، والمدرسة الإخنائية، ثم المدرسة الظاهرية، مدفن الظاهر بيبرس، وفيها مكتبة من أغنى المكتبات بنوادر المخطوطات، تقابلها العادلية (مدرسة الملك العادل أخي صلاح الدين) ... ما يشبهها في ازدحام هذه الكنوز من العمارات إلا سفح المقطّم في القاهرة، حيث مدرسة السلطان حسن ومسجد الرفاعي، وتلكم العمارات الرائعات للمساجد والمدارس والمكتبات، وإلا منطقة الأزهر والحسين وما فيها من المدارس والمساجد، معرض دائم لازدهار العلم والحضارة ومتحف حيّ لروائع فنون العمارة.
وفي العادلية «المَجْمع العلمي»، وهو أقدم المجامع العربية. ولكن الذي يشوّه هذا الجمال ويلطخ هذه الصفحة البيضاء ببعض السواد هو أن «الظاهرية» يحفّ بها فرن من هنا وحَمّام من هناك، ولطالما نبّهْنا إلى ما في ذلك من أخطار. نوادر المخطوطات والآثار تجاورها من الجانبين النار! ولو أنها احترقت فمَن يأتينا بمثلها؟ إن أموال الأرض لا تعوّضنا عنها، ومن الأشياء ما لا يُشترى بالمال. لقد سطا لصّ مرة على متحف دمشق، دخله بحيلة وسرق منه مجموعة لا مثيل لها من الدنانير القديمة، الرومانية والفارسية والأموية والعباسية وأنواع أخرى، ثم ارتكب جريمة أكبر من جريمة السرقة فأذاب هذه الدنانير وجعلها سبائك. لقد قبضوا عليه واستردوا السبائك منه وعاقبوه، ولكن ما الفائدة؟ إنهم كمن يستردّ المخطوطة الوحيدة من سارقها لكن بعدما محا كتابتَها وأرجعها صحفاً بِيضاً ... أو كمن يُرجع البنت المخطوفة