وحدّدوا لكل منها أجر قراءته كما تُحدّد أجور العمّال وأسعار الفاكهة والخضر (١).
وأنا لم أحضر في عمري كله إلا مآتم معدودة، كما لم أحضر إلا موالد معدودة. وما حضرته منها لم أخرج منه إلا وقد أغضبت أهله لأني لا أسكت عن منكر، والناس يغضبون على من يُنكِر عليهم ما هم فيه. سمعت مرة في مأتم لكبير من أسرتنا اضطُررت إلى حضوره قارئاً يَلْحَن، فنبّهتُه بلطف وكنت قريباً منه، فعاد إلى اللحن فعدت إلى التنبيه، فلما كثر ذلك منه ومني قال: أنا من صنف المئة، أفتدفعون مئة ليرة في الليلة وتريدون من يقرأ لكم مثل الشيخ محمد رِفعة؟! وكنت مرة في مولد مع شيخنا الشيخ محمد بهجة البيطار، فقام منشد حسن الصوت مطرب الأداء يغني أغنية غزلية مشهورة من الغزل المكشوف، فلما انتهى منها قال: اللهم صلّ وسلم وبارك عليه ... جعلها في رسول الله. وكان الحاضرون مئات، فصرخت به: اخرس! أتجعل غزَلاً في غلام مدحاً لسيد الأنام؟ وفسد «المولد».
وكانت «الصباحية» تبدأ بعد صلاة العشاء، فمات مرّة أحد الوجهاء وكانت أيام اضطرابات منع فيها الفرنسيون التجوّل في الليل، فجعلوها بعد المغرب. وكذلك تتبدّل العادات، بحادثة من الحوادث أو بإقدام كبير يُقتدى به على تغييرها فيقلّده غيره، فتتبدّل العادة. فلا تقنطوا من تبديل سيّئ العادات.
أمّا النساء فكان لهنّ «العَصْريّة»، وهي أبعد عن الشرع