للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حلقة، هو العالِم الشاعر الفحل الخطيب البارع في العربية وفي الإنكليزية رئيس مجلس النوّاب مرات ورئيس الوزراء، وكان رئيس مجلس الأمن مرة، وهو أحد عباقرة العرب في هذا العصر، وأسأل الله أن يكون حقاً ما كتبه عنه مَن كان مُلازمَه في مرضه وحاضرَه في وفاته من أنه مات مسلماً، وهو فارس بك الخوري.

وطائفة من العلماء، منهم واحد كان مفتي الشام وكان أبوه من قبله مفتي الشام، وكان يدرّسنا الأحوال الشخصية (أحكام الزواج والطلاق وما يتصل بهما) والفرائض والوصايا وأصول الفقه، وهو النموذج الكامل لعلماء القرن الماضي، وهو الشيخ أبو اليسر عابدين.

علماء القرن الماضي كانوا -على الغالب- علماء بما في الكتب، حرثوها حرثاً وقتلوها تنقيباً وبحثاً، ولكنْ وقف أكثرهم عندها لم يجاوزها ولم يفكّر أن يزيد عليها. ولقد بدأت هذه العلوم كما تبدأ الأنهار الكبار: ينابيع كثيرة تخرج منها السواقي الصغيرة، ثم تتجمع في جداول، ثم تجتمع الجداول فيكون النهر. ولو رسمنا خطاً بيانياً لهذه العلوم لوجدناه يرتفع ويعلو، حتى إذا جاء القرن الرابع الهجري بلغ القمة أو كاد، ثم يستوي لا يصعد إلاّ قليلاً إلى القرن الثامن؛ يصدق هذا الحكم على النحو والبلاغة وعلوم العربية كما يصدق على الفقه والحديث وعلوم الدين. أو هي كالمحصولات الزراعية تأتي من المزارع، ثم تجتمع في الأسواق، ثم تُجفَّف أو تُحفَظ، ثم توضع في المستودعات الكبار. لقد كان القرن التاسع عصر المستودَعات تُكدّس فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>