للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدتها مليار مليار قرن، بل إن مدتها لا تحيط بها الأرقام لأنها لا نهاية لها، حياة ما فيها إلاّ السعادة وكل لذيذ مشتهى، بدل حياة على الأرض مهما طالت فإن نهايتها الموت وفيها ما فيها من المتاعب والآلام.

هذا جزاء من يقاتل في سبيل الله. فماذا تعطي القومية وتعطي التقدمية وتعطي الوطنية من يموت في سبيلها؟ هل عندها ما تعطيه؟ بل قولوا ما هي؟ هل هي شيء له وجود أم هي أسماء سمّيناها نحن (لا آباؤنا) ما أنزل الله بها من سلطان؟ فما لنا ندع شرعة الإسلام إلى نظام أساسه أوهام، ونتائجه أحلام، ولن يكون له (كما لم يكُن لأمثاله) دوام؟

فإذا كنا نحن أبناء الحرب، وإذا كنا أبطال القتال، وإذا كنا نحن، «نحن المسلمين» (١) أحفاد من خاضوا عشرة آلاف معركة مظفَّرة، ومن أزاحوا عن صدر البشر كابوس الدولتين الظالمتين الروم والفرس، ومن فتحوا بالحقّ والعدل وللعدل والحقّ ما بين قلب فرنسا وقلب الهند ... فكيف كنا نفرّ من الجيش العثماني أيام الحرب الأولى؟

نفرّ لأننا كنا نُساق إلى حرب لم تكُن جهاداً في سبيل الله فنرجو فيها الأجر من الله، ولم تكُن حرباً اضطُررنا إليها فلم يكُن لنا بدّ من خوضها، ولا كان لنا فيها مصلحة ظاهرة فندخلها


(١) اقرؤوا «نحن المسلمين»، وهي في أول كتابي «قصص من التاريخ»، واقرؤوا ما كُتب عنها في «الرسالة» (التي تصدر في بيروت) للدكتور صلاح الدين المنجّد.

<<  <  ج: ص:  >  >>