للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأزهر: مدرسة القرويين، والزيتونة، ودار الحديث في دمشق، وحلقات العلم في المساجد كلها؟ لقد أخذنا هذه الطريقة أخيراً، ولكنا لم نأخذها صافية من العين بل أخذناها من الساقية بعدما قطعَت الساقيةُ شوطاً بعيداً، فمرّت بأميركا ثم عادت إلينا، وقد غيّرت اسمها فصار اسمها «نظام الساعات المعتمَدة».

أنا أدرّس من سنة ١٣٤٥، ولم أنقطع عن التدريس إلى السنة التي نعيش فيها سنة ١٤٠٣. وكنت أسمع من الناس أنني من الأذكياء، فلما طال ذلك صدّقتُه وحسبت -غروراً مني- أني ذكي حقيقة، فلما جاءنا نظام الساعات رأيت أني من كبار الأغبياء لأني لم أقدر أن أفهمه! ولا أدري لماذا لا نعود به إلى أصله الذي أُخذ منه وهو أسلوب الدراسة في الأزهر وأمثاله، على أن نهذّب حواشيه ونعدّله حتى يكون صالحاً لهذه الأيام؟ أو نعود إلى نظام السنوات الذي كان على أيامنا: تُوزَّع العلوم على السنين، فكلما أحاط الطالب بمنهج سنة منها وأتقنه فهماً انتقل إلى السنة التي تليها. أو لعلّي أقول هذا لأني لم أدرك حسنات نظام الساعات، أو لأني صرت «عجوزاً» يلتفت دوماً إلى الوراء، يحبّ القديم ويحنّ إليه ويكره الجديد وينفر منه ... لست أدري!

* * *

كانت المشكلة الكبرى لي ولأكثر الطلاّب معي هي «الميمات»، حتى تَحدّث بها الركبان -كما يقولون- ونقل خبرَها السلَفُ من الطلاّب إلى الخلَف، ورُكّبت عليها النكت والنوادر ونُظمت فيها الأشعار. هذا الأستاذ أديب التقي البغدادي (أستاذ

<<  <  ج: ص:  >  >>