مكتوب على غلافها:«مقالة من كتاب لنا في نقد محاضرات كلية الآداب سنُتِمّه قريباً». وأحسب أنكم تأمّلتم كلمة «لنا»، هذا الأسلوب في التكلم بصيغة الجمع (قرأنا، وقع لنا، وجوابنا ... على طريقة: نحن فؤاد الأول ملك مصر أمرنا بما هو آتٍ)، هذا الأسلوب في التعالي على الخصم بالدعوى العريضة واستصغاره، والسخرية به وسبّه وشتمه، وذكر معايبه ومثالبه بدلاً من اقتصار الناقد على الفكرة يبيّن فسادها وعلى التعبير يشير إلى ضعفه وإلى خطئه، كان هو أسلوبنا، أي أننا لم نكُن ننقد ولكن نهجو، كنا نتبع فيها شيخنا الرافعي في كتابه «على السفّود»، بل نتبع العقاد أيضاً فلم يكن يقصر في نقده أحياناً عن الرافعي. كذلك كان الأسلوب المتبع في تلك الأيام، ولي فيه كتابات كثيرة معدَّة لتكون كتاباً كبيراً عنوانه «مناظرات وردود»، ولكني لم أطبعه وما أحسب أني سأطبعه، لأني عزفت عن هذا الأسلوب على اقتداري عليه، وكرهته وانصرفت عنه ولم أعد أسيغه.
وهذه الرسالة مطبوعة سنة ١٣٤٩هـ (١٩٣٠م)، فيها مقدمة مكتوبة بهذا الأسلوب الذي انصرفت عنه، وبعدها فصل من الكتاب الذي أعددت أكثره، آخذ منه فقرات لتكون نموذجاً لكتابتي يومئذ أنشرها بلا تبديل:
الأديب في الأمة لسانها الناطق بمحاسنها الذائد عن حماها، وقائدها إلى مواطن فخرها وذرى مجدها ... فهل عندنا الأديب الذي عرف آلام الأمة وآمالها وبحث فيما يسرّها وما يسوؤها، ثم جرّد قلمه لتصوير آلامها والسعي لإبلاغها آمالها؟ هل عندنا الأديب الذي ... هل عندنا الأديب الذي ...