للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دولة البيزنطيين وانتزعت من بين أيديهم النصرَ المبين" (١) الذي يحدّثكم عنه المتنبي (٢).

* * *

ما انقسم بردى إلى السبعة الأنهار إلاّ ليسقي دمشق كلها وضواحيها جميعاً، غورها ونجدها، فأول ما ينفصل عنه نهر «يزيد» من عند «الهَامَة» (على بعد عشرة أكيال من دمشق)، يأخذ قسطاً محسوباً مقدّراً من ماء بردى ثم يسيل في مجرى حُفر له في الجبل، لا يميل ميل الأرض ببردى بل يبقى عالياً ليصل إلى الأحياء العالية من دمشق.

ثم ينفصل «تُورا» بماء أكثر من ماء «يزيد» محسوب مقدَّر، فيجري تحت مجرى «يزيد»، وتنفصل الفروع الأخرى تِباعاً، كل واحد له مجرى معلوم يناله من ماء النهر قَدْر معلوم، يمشي ليسقي أراضي محدّدة معلومة. ترتيب قديم عظيم بدأ به الرومان وأتمّه وضبطه المسلمون، وسُجّل ذلك بوثائق واختُصّ به ناس يتوارثون معرفته؛ فلكل قرية ماؤها يصل إليها ولكل بقعة في


(١) ما بين الأقواس من مقالة لي نُشرت في «الرسالة» سنة ١٣٥٣هـ.
قلت: والمقالة في كتاب «دمشق» وعنوانها «نهر دمشق» (مجاهد).
(٢) في قوله:
هل الحَدَثُ الحَمراءُ تَعرفُ لونَها ... وتعلمُ أيُّ الساقِيَينِ الغَمائِمُ؟
و «الحدث» قلعة حصينة قرب مَرعَش (إلى الشمال من حلب)، أوقع فيها سيفُ الدولة الحمداني بالصليبيين هزيمة منكرة في شعبان سنة ٣٤٣هـ (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>