متخرجاً في معهد (أي كلية) الحقوق، وقد نسيت اسمه، فذهبوا به وجاؤوا برجل من آل المؤيد، وهم فرع من أسرة العظم التي كنت أعرف بعض رجالها، حقي بك الذي حضرَنا في امتحان الشهادة الابتدائية وكان حاكم دولة (!) دمشق، وأُعجِبَ بأجوبتي (لأن الامتحان كان شفهياً) ومنحني جائزة ثمينة لأني كنت الأول بين التلاميذ: دواة لها قيمة بقيَت عندي إلى أن كبرت. وعرفت سامي بك مدير وزارة العدل، أي وكيلها، وكان صديقاً لوالدي، وكان من جماعة خالي محب الدين الخطيب، لزم معه الشيخ طاهراً الجزائري ودخل معه الجمعية العلمية لمّا أنشأها، وكان يحبني ويودّني. وأعرف رجلاً من فقراء آل العظم عالماً معلّماً مؤلّفاً فاضلاً هو جميل بك. وكان من رفاقنا ناظم المؤيد العظم وهو في الذؤابة منهم نسباً، ورمزي العظم، وأعرف الأخ الأكبر لهذا المدير الجديد وهو صفوح بك، ولكني لم أعرفه هو ولم ألقَه.
وأنا أزور المرجع الإداري مرة عند حضوري لأن ذلك عُرف قانوني، ثم أعكف على عملي. وكنت في المدرسة يوماً فإذا الأولاد يقولون: المدير جاء. قلت: أهلاً وسهلاً. ومشيت لاستقباله لأنه ضيف على المدرسة.
وإني لَعبدُ الضيفِ ما دامَ ثاوياً ... وما فيَّ إلاّ تلكَ من شيمةِ العبدِ
ورحبت به، ولكنه صعّر خدّه وشمخ بأنفه، وقال: أنت المعلم؟ وتوجّه إلى التلاميذ يكلّمهم. وكان يلبس لباس الصيادين، وهو حذاء طويل إلى الركبة وقد غرس فيه درّة (كرباج صغير)