يُضرَب المثل بضعفه حتى ليقال للإنسان الضعيف: كأن عظامه من القنّب. أما قشره فتُصنَع منه الحبال، فترى الحبّالين بين البساتين قد نصبوا أعمدة مدّوا عليها الحبال لبَرْمها. أمّا الاستعمال الأعلى للقنّب أو لبعض أنواعه فهو أن يُستخرَج منه المورفين (المخدّر، أي الحشيش). والغريب أن أهل الغوطة والبقاع الأخرى من الشام وبعض الأماكن في تركيا يزرعه أهلها ولا يتناولونه، لكن يبيعونه بالخفاء لمن يتعاطاه ويربحون منه المال الكثير، يهربون به لأن الحكومة تمنعه.
ثم جعلت أبتعد بالتلاميذ، فزرنا مدرسة زَمَلْكا، وكان فيها صديقنا بشير ياسين (وعمّه الشيخ محمود ياسين هو خال شكري فيصل)، وكنا نتبارى في حُسن تعليم التلاميذ وتنظيمهم فكنا كفرسَي رهان، حتى جاء يوماً بما عجزت عنه، هو أنه ألبس تلاميذه كلهم الطرابيش مثل تلاميذ المدينة، فغلبني. ولكني ثأرت منه في حادث طريف ولكنه ليس بظريف، وأنا هنا أسجّل ما لي وما عليّ. مللت من انتظار السيارة كل يوم لتحملني إلى المدرسة، فاشتريت درّاجة وتعلمت ركوبها، ولكني لم أتقنه، فكنت أقف على حجر أو كرسي فأمتطي الدراجة وأمشي بها متعثراً خائفاً. ومررت به يوماً وأنا راجع (لأن قرية زملكا على طريقي) فدعوته ليركب ورائي على الدراجة فيستريح من انتظار السيارة ويوفّر أجرتها. قال: لا، ياعم، أخاف أن ترميني. قلت: يا عيب الشُّوم (وهي كلمة تُقال في الشام بمعنى «يا للعار») أتخاف وأنت ورائي؟ قال: اتركني الله يرضى عليك، قلبي غير مطمَئنّ. قلت: اركب ولا تخف.