للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اطّلعنا على الغيب ولكنّ المقدمات أشعرَتنا بالنتائج. فكتبت وكتب مَن هو أكبر مني في البلاغة قدراً وأعلى في البيان مكاناً وأعرف بالسياسة ظواهرها وخفاياها، نصرخ في قومنا كما كان يصرخ في القبيلة النذير العريان، وممّا جاء في هذه المقالة حملة على الأدباء قلت لهم فيها:

أيهيج نفوسَكم ويؤلمكم ويسوّد الدنيا في عيونكم حبيبٌ يُعرِض عنكم، أو ليلة وصال منه تخسرونها، أو ابتسامة يُحجَب عنكم نورها؟ ولا يؤلمكم أمة في فلسطين تضيع بقَضّها وقَضيضها، يهاجمها في عقر دارها أذلّ شعب وأخسّه وأهونه على الله والتاريخ؟ يستلب بالثمن الغالي أرضها يشتريها منها، ثم يبعث بالفاسقات من بناته فيسترده منها، يعطيها بأيدي رجاله ويذهب ما أعطى من بين أرجُل ... نسائه! ألا يؤلمكم أن تصبحوا يوماً فتجدوا أن فلسطين صارت لغيركم، وأنكم صرتم غرباء في أرضكم أو تائهين مشرّدين في أرض الناس؟ ونحن نعرف «اليهودي التائه»، فهل تسكتون حتى يصير منا «العربي التائه»؟

الأدب هو محرّك الشعوب ومثير الهمم وباعث العزائم، الأدب يوقظ النائم وينبّه الغافل، فأين أنتم يا أدباء العرب من «قضية فلسطين»؟ إن خطبة طارق فتحت الأندلس، وخطب نابليون أكسبَته إسترلتز، وخطب فيخته أعادت الروح إلى الألمان وأرجعتهم إلى مكانهم من الحياة، فأين القصائد الفلسطينيات؟ أين الأقلام الحرّة المؤمنة التي يتطوّع أصحابها ليكونوا جنوداً في معركة فلسطين: تصف نكبة فلسطين وتحرّك الدنيا لنصرة

<<  <  ج: ص:  >  >>