للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُعِدّه لأن النصر مقرون دوماً وحتماً بالسلاح؟ لا، بل للإرهاب: {تُرْهِبونَ بهِ عَدُوَّ اللهِ وعَدُوَّكم} {وما النَّصْرُ إلاّ مِن عِنْدِ اللهِ}. وأنزلَ الله يوم بدر ملائكة، ولكن للتطمين: {ومَا جَعَلهُ اللهُ إلاّ بُشْرى ولِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلوبُكم} لا للنصر فالنصر من الله، مع الملائكة ومن غير أن تنزل ملائكة، فاطلبوه منه بعد استعدادكم له.

هذه عقيدة المؤمن وهذا تفكيره وهذه نفسيته، يعمل كل ما يقدر عليه ولكن لا يعتمد عليه وحده، بل على قوة من آمن به ووحّده التوحيد الكامل وجاهد في سبيله.

* * *

لقد عشت مع قضية فلسطين؛ سايرتُها مراحلها كلها، ولكن من مقاعد المشاهدين لا من مكان الممثّلين. لم أرَها من الداخل مع الخاصّة من أصحابها بل من الخارج مع العامّة من متتبّعي أخبارها، وإن شئتم تاريخها ممّن عاش معها في داخلها فتداركوا الأستاذ عزة دَرْوَزَة فاسألوه عن خفاياها، وإن أردتم معرفة خبرها ممّن كان قريباً من قادتها الذين لهم يد في تحديد مسارها فعليكم بالأستاذ أكرم زعَيْتر. أما أنا فلقد عرفت منها ما عرفت وكتبت عنها ما كتبت مستمِدّاً علمي من سطور الصحف وأفواه الناس.

والذي رأيته ورآه الناس كلهم هو أن تاريخ الظلم والسرقة والغصب والتعاون على الإثم والعدوان لم يعرف أبشع ولا أشنع ولا أفظع من قضية فلسطين؛ ناس آمنون في مساكنهم التي ورثوها عن آبائهم واشتروها بأموالهم، ما لأحد حقّ فيها معهم، جاء مَن لا يخاف الله ولا يتقي العار ولا يأبى اللعن فوعد بها عصابة

<<  <  ج: ص:  >  >>