للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقمت إليه فقلت له: اسمع مني وتعالَ أنت وأصحابك فاقعدوا فاستريحوا واشربوا كوباً من الشاي ودَعوا هذه اللعبة السخيفة فلن تأتي بنتيجة. هؤلاء أولادكم، فهل تطيب قلوبكم بإيذائهم؟ وهل معكم أمر بإطلاق النار عليهم؟ ولو أمروكم أفتنفّذون أمر أجنبي كافر في أولادكم؟ لقد عملتم ما استطعتم ونحن نشهد بذلك معكم، فلا ترهقوا أنفسكم خدمة لعدوّكم ومحتلّي بلادكم، فإنّ أخسرَ الناس من باع دينه بدنيا غيره.

قال: والله صحيح، الله يلعن أبو فرنسا واللي جابها، لعنة الله عليهم! ودعا صاحبيه أن تعالوا يا شباب، حاجِة (١) مَسْخَرة، نلحق أولاد صغار بعد هذا العمر؟ الله يلعن أبو فرنسا واللي جابها!

وكسبنا المعركة ولكن خسرنا الحرب، إذ لم تمضِ إلاّ أيام حتى تلقّيت الكتاب الرسمي بنقلي إلى رَنْكوس.

* * *

أرأيتم الذي غرقت سفينته فتعلق بخشبة منها، قد انحصرَت أمانيه في الوصول إلى الشطّ، تدفعه موجة إليه فيقرب منها فيستبشر، فتأتي موجة أخرى فتبعده عنه فييأس؟ كذلك كنّا أنا وإخواني جميعاً، كنّا معلّمين في القرى فإن اقترب أحدنا من دمشق دنا منه الفرج، نُقلت إلى سقبا فكأني صرت في دمشق، لم تبقَ بيني وبينها إلاّ خطوة، فما لي الآن أُرجِعت خطوات إلى الوراء، إلى رَنكوس؟


(١) حاجة معناها «يكفي»، أو كما يقولون في مصر «كفاية».

<<  <  ج: ص:  >  >>