للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبجنبها البلدية. ووراء العدلية والبريد جامع يَلْبُغا، له باب من الشرق يطل على سوق الخيل وباب من الغرب يخرج إلى «البَحْصة»، ومدرستنا في صحنه من ورائه، ومئذنته وراء المدرسة تطلّ على الشارع الخلفي.

فماذا فعل ذلك كله؟ لقد ذهب!

أما هذه العمارات فقد أودت بها إحدى الحرائق الهائلة التي كانت تشهدها دمشق، و (حريقة) أخرى ذهبت بالدور المقابلة وكشفت جامع تِنْكِز (١) فقام هنا «فندق أمية» وقامت هناك عمارات حديثة. وأمّا البلدية فقد هُدمت وبيعت للسيد الشربتلي (المعروف) فأقام في موضعها عمارة كبيرة! وبنَت البلدية لنفسها بناءً ضخماً.

أمّا «بردى» فقد دفنوه حياً وجعلوا قبره شارعاً تطؤه الأقدام، وقد كانوا يدوسون فوقه من قبلُ حين ألزموه أن يمشي في «المرجة» تحت الأرض ليمشوا هم فوقها. وكانت المرجة في طرف البلد، تلتقي فيها خطوط الترام الذي جاءت شركة بلجيكية به وبالكهرباء سنة ١٨٩٨ كما سمعت. وقد أُلغيَ في الشام من أكثر من ربع قرن، ولكني رأيته بذاته في بروكسل سنة ١٩٧٠ لمّا زرتها.

وذهبت مدرستنا مع ما ذهب وذهبت معها قطعة من حياتي. وكم كانت لنا فيها آمال وكم حملنا فيها من آلام، فأين آمالنا فيها


(١) وكانت عندنا «مصلحة إطفاء»، أُنشئت لمّا أحسّوا بالحاجة إليها عندما احترق مسجد بني أميّة الكبير، ثم بناه أهل الشام هذا البناء سنة ١٣١١هـ، ولكن الإطفاء يومئذٍ لم يكن كالإطفاء اليوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>