كان عليّ وأنا أكتب عن «المجمع الأدبي» بعد هذا الأمد الطويل أن يكون تحت يدي ما أذكر به ما نسيت وما أستشهد به على ما أذكر، فلقد فتح له صاحب «القبس» الأستاذ نجيب الريّس صفحة كاملة في جريدته، نُشر فيها شعر كثير وأدب كثير ليس عندي شيء منه الآن، وإن كان قد بقي منه شيء فهو عند الدكتور منير، فهل يكتب هو ذكرياته؟ وهل ينصرف أحد طلاب كلّية الآداب فيعدّ رسالة ماجستير عن الأدب الشامي في ذلك العهد؟
لقد كان منّا نحن الشباب (أعني الذين كانوا شباباً قبل خمسين سنة) أصحاب أقلام وقرائح، وكانت لهم في الأدب آثار تستحق العناية والدرس، وإن كانوا يتنازعون الصدارة في هذه الصفحة الأدبية يختلفون على من تُنشر مقالته أولاً، مع أن تقديم النشر لا يرفع القدر، والصدر حيث يكون الصدر، والتافه لا ينفعه التقديم والجيد لا يضره التأخير.
جمع هذا «المجمع الأدبي» المتفرقين وحاول أن يؤلّف بين المختلفين. ماذا يجمع بين علي الطنطاوي وسعيد الأفغاني، وبين ميشيل عفلق وأنور حاتم؟ إن الماء والزيت تخضّهما فيختلطان، ولكن حين تدَعهما يفترقان، وكذلك كان. بقي في المجمع الأدباءُ الذين تربّوا على أدب القرآن وعلى نهج البُلَغاء من الأدباء، وخرج مَن هُم أميَل إلى غير ذلك فألّفوا لأنفسهم جماعة أظن أنهم سَمّوها «ندوة المأمون».
وقامت حرب أو شبه حرب بين فكرتين وأسلوبين. وكنت قد اعتزلت الكتابة في الصفحة الأدبية، فلما حمي الوطيس