للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حمصُ الجنّةُ قالَتْ ... لغلامي لا رُجوعا

رحِمَ اللهُ غلامي ... مات في الجنّةِ جُوعا

* * *

لماذا لا تأكل العصافير القمح في سنابله وهو أشهى شيء إليها؟ لأن الله ركّب في رأس السنبلة أشواكاً طريّة، فإذا مدّ العصفور منقاره ليصل إلى الحَبّ اعترضَته وجاءت في رقبته فمنعته، فهو يرى الطعام ولا يصل إليه:

كالعيِس في البَيداءِ يقتُلُها الظّما ... والماءُ فوقَ ظهورِها مَحمولُ

وكذلك كنت في وليمة أمير القريات سنة ١٣٥٣؛ الرز واللحم بين يدَيّ والرغبة فيه بين جنبَيّ، تصل إليه يدي ولكن لا تبلغ به فمي، فعلّموا يا أيها القرّاء أولادكم (ولو كنتم في المدن) الأكل بأصابعهم، فما تدرون متى يُضطرّون إليه، وعلّموهم كذلك الأكل في الموائد الرسمية باستعمال أنواع الشوكات والسكاكين، وكيف يأكلون اللحم وكيف يتناولون السمك والدجاج، فلعلّهم يحتاجون يوماً إليه. فما تعلّمت هذه ولا تعلّمت تلك، لذلك أكره أن آكل مع الأعراب كما أكره أن آكل مع الإفرنج والمتفرنجين.

وجاؤونا بعد الطعام، ونحن في مجالسنا، بطست من النحاس عليه مصفاة فوقها قطعة صابون، وإبريق من مثل نحاس الطست (أو الطشت، كلاهما فصيح) له رقبة طويلة ملتوية: آخذ الصابون فأغسل يدي فوق الطست، والخادم يصبّ عليّ ثم يقدّم لي المنشفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>