للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوجّهت أشعّتها إليه، فأحسّ بالحر وسال من جسده العرق فنزع المعطف؟ هذا هو مثال الإنكليز والفرنسيين كما رأيناهم في الشام، وهما -بعد ذلك- كحمارَي العبادي (من سكان الحيرة)، قيل له: أيّ حمارَيك أسوأ من صاحبه؟ قال: هذا، وأشار إليهما معاً!

وكانت ميسلون، وأنا أصف منها ما رأيت وما يمكن أن يراه مثلي.

* * *

كنا في جنة (أو فيما نتوهمه جنة) فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت، وكنا في قصر فيه كل ما نطلب وما نتمنى فأتاه زلزال مدمّر فتركه خراباً. كنا نعيش (أو نظنّ أننا نعيش) في عرس دائم؛ ابتهاج وحماسة، وعودة الخير، والسعة بعد الضيق، والحرية (أو ما حسبناه حرية) بعد أن كنا في سجن كبير.

أصبحنا، وإذا الأخبار تتوارد عن مسير الفرنسيين إلينا وأن الأعور الدجّال قادم علينا ... إنه الجنرال غورو (١).

لم ندرِ أنهم تقاسمونا ونحن نيام، وأن «سايكس وبيكو» وزّعونا غنائم حرب كما تُوزَّع المواشي التي أخذها الجيش الغالب من الجيش المغلوب، وأن إنذاراً قد وُجّه بحلّ الجيش، وأن الملك وافق عليه وسرّح الجيش. كل ذلك لم يعلم به عامة


(١) والأعور الدجال الثاني موشي ديان، وقد فطس في أواخر عام ١٩٨١ (وكلمة فطس من العامّي الفصيح)، والثالث هو الذي يظهر قُبَيل يوم القيامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>