فلما وصل الإصلاح إلى مَعان كانت نكبة ميسلون ودخول الفرنسيين دمشق، فوقف العمل.
* * *
وبعد، فما قصة الخطّ الحجازي؟
إن لديّ من خبره ما لا يعرفه إلاّ القليل، أخذتُه من الصديق نديم الصواف (رحمة الله عليه)، وكان أعلم الناس بتاريخه لأنه عمل في إدارته نحو نصف قرن، من حين كان كاتباً صغيراً فيها إلى أن صار أكبر موظفيها، ومن مجموعة الوثائق التي أطلعني عليها وتقرير له شامل كان أعدّه.
كان الحُجّاج من أهل الشام وما جاورها من البلدان يجتمعون في دمشق، فإذا كان موعد الحجّ خرجوا جميعاً إليه مع المَحْمِل الشامي ومعهم حامية عسكرية تحميهم بالقوّة، ومعهم «الصرة» تحرسهم بالمال، يدفعون كيد الأعراب الذي يمرّون عليهم بالترغيب وبالترهيب، فمن لم ينفع معه المال أفادت المدافع. وربما عجزت هذه وتلك عن دفع أذاهم فنال الأذى الحُجّاج. وفي «الصرة» ريع أوقاف الحرمَين ليوزّع على فقرائهما.
و «المَحْمِل» هودج هرمي الشكل بارع النقش والزخرف يُحمَل على جمل (ولا يزال المحمل محفوظاً في متحف دمشق) يسبقه جمل آخر عليه «السّنْجَق»، وهو علم ملفوف. وكلا الجملَين يُلبِسونه ثوباً عليه مثل نقش المحمل وزُخرُفه، تتقدّمه الموسيقى العسكرية. ويكون «وداع المحمل» يوماً من أيام دمشق المشهودة،