خطيباً مثله) وكما يظن كثيرون، وخرجوا بالأهازيج والأناشيد يتسابقون إلى ساحة المعركة.
وكان من المتحمسين القائد الشابّ يوسف بك العظمة، شهيد ميسلون وقبره فيها. ولم يستمع أحد لنصح كبار العسكريين كرضا باشا الركابي، وكانوا يظنون أن جماهيرَ ما عندها من أدوات الحرب إلا الحماسة تستطيع أن تردّ جيشاً فرنسياً يقوده جنرال! فكانت الهزيمة المرتقَبة بعد قتال قصير، ودُفن الاستقلال وهو لم يتمّ سن الرضاعة، وبدأ حكم الأجنبي للشام.
* * *
أما المنعطف الصغير في حياتي أنا فهو نقلي من المدرسة السلطانية الثانية (الرسمية) إلى مدرسة الشيخ عيد السفرجلاني (الأهلية)، وكانت في الجَقْمَقيّة. أما «الجقمقية» فقد بناها جَقمق المتوفّى في سنة ٨٢٤هـ (١)، وهي في جوار قبر صلاح الدين
(١) في كتاب «من حديث النفس» مقالة جميلة مؤثّرة عن هذه المدرسة عنوانها «وقفة على طلل» قال جدي في أولها: "في حِمى المسجد الأموي تقوم المدرسة الجقمقية التي بناها سنجر الهلالي وجدّدها الملك الناصر سنة ٧٦١هـ، ثم احترقت فجددها الأمير سيف الدين جقمق فنُسبت إليه". وذكر الشيخ عبد القادر بدران في «منادمة الأطلال» أن الأمير سنجر الهلالي بنى المدرسة، ثم احترقت مع ما احترق وخرب حين غزا تيمور لنك دمشق، فأعاد بناءَها الأميرُ جقمق في السنة المذكورة (٨٢٤). انظر تفصيل ذلك كله وأخباراً عن كل ما ذُكر هنا من هذه المدارس في كتاب الشيخ بدران المذكور، وهو من أعلم الناس بالشام وما فيها من البنيان والآثار (مجاهد).