ومحلّة أخرى كان فيها سلسلة متصلة من المدارس، هي ضفّة نهر يزيد من غرب دمشق على سفح قاسيون إلى حارة الأكراد، لم يبقَ منها إلا أنقاض مدرسة في أعلى شارع المالكي وعدة مدارس في الصالحية، ومدرسة ركن الدين، ومجموعة من المدارس في طريق لا يزال اسمه «بين المدارس».
ويقولون إن ذلك العصر كان عصر الجهل والانحطاط!
* * *
والجقمقية قد جدّدَتها وزارة الأوقاف بإشراف إدارة الآثار وأعادتها كما كانت، وهي من أجمل المباني المملوكية.
أما الشيخ عيد فهو معلّم الشام حقيقة لا مجازاً. ولقد كتبت عنه كثيراً، وفي كتبي كلام طويل عنه (١)؛ فقد لبث يعلّم أكثر من ستّ وستّين سنة. ولقد كان أبي تلميذاً لديه ثم صار معلّماً عنده، ولقد رأيت في سجلات مدرسته اسم التلميذ، ثم اسم ابنه، ثم اسم حفيده، ثم اسم ابن الحفيد! علّم أربعة بطون. وابنه الأستاذ عبد الرحمن كان شيخَ المعلمين الرسميين بعد الأستاذ سعيد مراد والشيخ محيي الدين الخاني، وسيأتي الكلام عنه.
في هذه المدرسة بدأ التأثير الباقي في نفسي للأساتذة الذين
(١) في كتاب «رجال من التاريخ» (في مقالة «مع بعض مشايخي») حديث ممتع عن الشيخ عيد وأخبار عن مدرسته، وانظر أيضاً مقالة «نهاية الشيخ» في كتاب «قصص من الحياة»، وهي مقالة مؤثّرة مفعمة بالعواطف (مجاهد).