الشرعية التي غدت اليوم أزهر لبنان، وكان من تلاميذها رجال بلغوا المعالي منهم العالِم المجاهد المفتي الشيخ حسن خالد. ورأيت رمضان في باكستان، وفي الهند، وفي أندونيسيا لما رحلت إليها مع بركة العصر الشيخ أمجد الزهاوي، وقد كتبت عنه بإذنه ورضاه في كتابي «في أندونيسيا»، وكانت رحلة لخدمة فلسطين والتعريف بقضية فلسطين، ما قبضنا فيها مالاً ولا تسلّمنا ممّا جمعوه قرشاً، بل أعطيناهم عنوان المؤتمَر الإسلامي وقلنا لهم: أرسلوا إليهم ما جادت أيديكم به.
* * *
قطّعت حياتي قِطَعاً وتركت في كلّ من هذه البلاد فلذة منها، لي في كلّ واحدة ذكرى أو ذكريات لو جمعتها ودوّنتها لجاء منها أدب أخلّفه بعدي. ولكن ما جدوى هذا كله وأنا أبقيه هنا: الأدب والشهرة والمجد؟ إن الذي يُجدي عليّ وينفعني هو الذي أحمله للرحلة الطويلة التي لا محيص عنها ولا رجعة منها، فعلامَ الأسى على زهرات لا تعيش إلاّ يوماً واحداَ ثم تذبل وتموت؟ إني أُدوّن هنا ذكرياتي، بل الأقلّ ممّا بقي في ذهني من ذكريات. والفضل فيها بعد الله لولدي الأستاذ زهير الأيوبي و «المسلمون» ثم «الشرق الأوسط»، أما أكثر الذكريات فقد سقط مني في مسالك الحياة أو امتدّت إليه فسرقَته أيدي النسيان.
وجدت لرمضان في هذه البلاد كلها حقيقة واحدة ولكن صورها مختلفة، ومن أسرار خلق الله أنه جعل التعدّد في الوحدة والوحدة في التعدّد، فهندسة الوجوه كلها واحدة: عينان تحت حاجبَين وجبين فوق العينَين، وجعل فماً وشفتين، ولكنه لم