للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجعل فيها وجهَين متماثلَين، بل إن التوأمَين بينهما -لو دقّقت النظر- فروق، وإلا لما عرفَت زوجةُ أحدهما زوجَها. والأحياء كلها على تعدّد أنواعها تكاد هندسة بنائها تكون واحدة: العمود الفقري وقفص الصدر والأطراف، حتى عدد فقرات العنق في الزرافة وفي الحيوان الذي لا يبدو له رقبة، حتى أعضاء التناسل في الذكر والأنثى هندستها واحدة على تعدّد أنواع الحيوان.

أليس في هذا دليل من آلاف الأدلة على أن الصانع واحد؟ لو زرت معرض صور فيه مئات من اللوحات، نوع ورقها وأصباغها وطريقة ضرب الريشة فيها، كل ذلك واحد، ألا تفهم من ذلك أن مصوّرها واحد؟

ثم إن اختلاف صور رمضان في تلك البلدان جاء ممّا ابتدعه الناس وأحدثوه؛ فالدين واحد، والصورة الأصلية صورة مجتمَع الصحابة الذي كان يُشرِف عليه ويهديه سيد البشر محمد ‘، لو بقي المسلمون عليها لما اختلفوا، ولكنهم ابتدعوا بدعاً ألصقوها بالدين، وجاء العلماء فكشفوا تلك البدع. وهذا معنى الحديث: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل قرن من يجدّد لها دينها»، يجدّده كما يغسل المرء ثوبه من الأوساخ فيعود جديداً كيوم اشتراه، التجديد المراد هو هذا لا أن يأتي بدين جديد غير ما جاء به رسول الله.

* * *

وكان أصعب رمضان مرّ عليّ هو الذي قضيته في جاكرتا، أنزل وحدي في فندق من أعظم ما رأيت من الفنادق، لي وحدي

<<  <  ج: ص:  >  >>