لا يصل إليه من أمجاد هذه الدنيا ومن زينتها ومن زخرفها شيء، ولَدعوةٌ له صادقة من قلب مؤمن أو ريال يُتصدَّق به عن روحه خيرٌ من مئة كتاب، ولكنْ تُكتَب سيرته مفصَّلة لتكون نبراس هدى للناشئة وقدوة لهم صالحة وصفحة عطرة زاهية من تاريخ المَكرُمات (١).
ورجل آخر لا أزال متألماً لأن الناس لم يعرفوا له حقّه ولأن هذا البلد لم يُعطِه بمقدار ما أخذ منه، رجل لم ألقَه إلاّ في زيارات معدودة في أيام معدودة في بومباي في الهند سنة ١٩٥٤، ولكني لقيت ثمرات ما زرع؛ هو أبو التعليم في الحجاز الشيخ محمد علي زينل منشئ مدارس الفلاح. وقد قرأت في الصحف أن الرجل الفاضل الذي خدم البلاد بماله وبفكره، الذي افتقدناه من قريب، الشيخ إبراهيم الجفالي قد اشترى أرض «ملعب إسلام» في «البيبان» ووقفها على مدرسة الفلاح، فلماذا لا ينشط أخواه (وهما خليفتاه في عمل الخير) وأصدقاؤه ومن يريد للناس الخير ومن يرجو من الله الثواب، فيقيموا على هذه الأرض مدرسة جديدة ومُنشَأة خيرية تُعين الفقراء من طُلاّبها ومن غيرهم،
(١) بعد نشر هذه الحلقة من الذكريات ببضع سنين نُشر كتاب «محمد نصيف: حياته وآثاره»، ألّفه محمد أحمد سيد أحمد وعبده أحمد العلوي، وقدم له طائفة من العلماء والأعلام من عارفي الشيخ وأصدقائه ومحبّيه. وكان فيمَن قدّم لهذا الكتاب علي الطنطاوي في فصل طويل أفاض فيه عن الشيخ وأجاد، فمَن شاء أن يقرأه فهو في كتاب «مقدمات علي الطنطاوي» الذي جمعه وأعده للنشر الأخ الصديق مجد مكي (مجاهد).