للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتُسمّى «مبَرّة الفلاح» صدقة على روح إبراهيم الجفالي؟

* * *

لمّا انقضت أيامنا في جدّة وعزمنا على التوجه إلى البلد الأمين ودّعْنا الشيخ ومشينا إلى باب مكّة بسياراتنا. وكان وصولنا إلى الباب في المساء، فسألَنا الجندُ ونظروا في أوراقنا وفتحوا لنا الباب، وخرجنا من باب مكّة. لم نرَ السوق الذي ترونه الآن ولا مررنا بوزارة الإعلام، ولا سلكنا هذه الشوارع، كل ذلك لم يكن؛ خرجنا من باب مكّة إلى أرض خلاء ما فيها بنيان قائم ولا طريق مشقوق، صحراء كالتي كنّا نمشي فيها قبل أن نصل جدّة، أذكر أن في مواضع منها «مشروع» طريق. حتى إذا وصلنا «بَحْرَة» (١) تشهّدنا وألقينا بأنفسنا على المقاعد الطويلة المصنوعة من القشّ المَضْفور، وهي لا تريح بل تكسر الظهر، وكانوا يسمّونها «الشايخانات» (الخانة أي المنزل) فهي محطّة لشرب الشاي.

وليس البلاء فيما قبل بحرة بل فيما بعدها، في الشُّمَيْسي وبعد الشميسي بقليل. إنكم تمرّون بها الآن بسياراتكم المكيّفة المريحة المسرعة (على الطريق القديم) فلا تلتفتون إلى تلال واطئة من الرمل الناعم المتموّج، أو تنتبهون إليها للإعجاب


(١) قرية في منتصف الطريق بين مكة وجدة، قريبة من «وادي فاطمة» (الذي كان يُسمّى قديماً «مَرّ الظّهران»)، كانت في وسط الطريق القديم بين مكة وجدة، فلما أنشؤوا الطريق الجديد صار يمرّ بحذائها ولا يمرّ بها (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>