للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جدّة التي كانت من خمسين سنة بسورها وأبوابها بصورة بارزة، ويا ليت أمانة مكّة تصنع مثل ذلك، وأمانة الرياض، حتى يوازن المُشاهِد بين حاضرها وماضيها.

بل ليتنا نترك بعض البلدان أو بعض أحيائها وأقسامها على هيئتها التي كانت عليها، كما فعلت ألمانيا في مونشاو مثلاً، وكما هي الحال في أمستردام: في أقنيتها وجسورها الحجرية القديمة القائمة فوقها، وتمنع البلديات تبديل مظهرها الخارجي وتعوّض أصحابها عما ينقص ذلك من حرّيتهم في التصرف بأملاكهم.

وشيء آخر أتمناه هنا في المملكة خاصّة، لا سيما في مكّة والمدينة، هو إبقاء الأسماء التاريخية للأماكن على حالها؛ فقد امتلأت بهذه الأسماء كتبُ التاريخ وفاضت بها الأشعار وخلّدَتها روائع الأدب، بدلاً من هذه الأسماء الجديدة للشوارع، لا سيما ما أُحدِثَ أخيراً في مكّة من اختلاط الأرقام والحروف بالجهات في عبارات ما فهمتها ولا صادفت إلى الآن من فهمها. أما الأسماء الجديدة لشوارع جدّة فهي إلى النكات والنوادر أقرب منها إلى الجدّ وإلى حسن اختيار الأسماء!

وإذا وفّق الله ووُضعت هذه الخريطة المجسَّمة لمكّة قبل خمسين سنة فلا تنسوا أن تضعوا فيها الجبال كما كانت قبل أن تُخطّط هذه الطرق التي تبلغ عليها السيارات ذُراها وقبل أن تُفتح فيها هذه الأنفاق، والأودية قبل أن تقام عليها هذه الجسور، ليرى المُشاهد كيف كانت قبل خمسين سنة، بل كيف كانت قبل خمس سنين!

<<  <  ج: ص:  >  >>