وكذلك كلّ ما تسمعه، لا سيما إن سمعتَه في الصغر؛ إنه بذرة خير أو بذرة شرّ، إذا جاءها «الظرف المناسب» وضعتك على طريق الجنة أو على سبيل النار.
فانتبهوا -يا أيها القرّاء- لما تنظرون فيه من كتب ومجلات، وما تسمعونه من إذاعات ومحاضرات، وما تشاهدونه من مسلسلات ومسرحيات، ولا تظنوا أن أثر ذلك يذهب مع إكمال الكتاب أو انتهاء المحاضرة أو إسدال الستار على المسرحية، بل إن بعضه يبقى ما بقيَت الحياة.
فيا رحمة الله على الشيخ عيد السفرجلاني وعلى أمثاله من مشايخنا الأوّلين، الذين كانوا لنا آباء وكانوا مربّين، وكانوا مراقبين ناصحين.
الشيخ عيد هذا أعلم أن تسعة وتسعين بالمئة من قرّاء هذا الفصل لم يسمعوا باسمه ولا أحسبهم يهتمّون بخبره. وكذلك يكون نصيب الجندي المجهول من ثناء الناس، ولكنْ ما له وللناس؟ وما الذي يرجوه من الناس؟ إنه عند الله معلوم لا مجهول، وإنه يرجو ونرجو له -من فضل الله ورحمته- الجنة، ونرجوها لأمثاله من المجاهدين المخلصين والعاملين الصامتين.
الشهرة وخلود الذكر ليست ما ينفع الناس ويمكث في الأرض، بل هو رضا الله وثوابه العظيم. فاطلبوا ما يبقى، لا تجعلوا أكبر همكم السعي لما يفنى. أسأل الله أن يوقظ قلبي وقلوبكم من غفلتها، فأنا أحوج إلى هذه الدعوة أكثر منكم.