للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثوب الولد الصغير مهما شددتَه لا يسع جسد المصارع الضخم، فكيف تتسع داري الصغيرة لهذا الجيش من الفرسان؟ على أنها لم تكن داري ولكني كنت مستأجرها، وأجرتها خمس ليرات في الشهر، أي أقل من ريالين بسعر الصرف اليوم (أوائل سنة ١٤٠٥)؛ أجرة الدار في الشهر كله أقل من ريالين!

* * *

وعدت معلّم صبيان كما كنت من قبل هذه الرحلة.

ولكن لماذا صرت معلّم صبيان وأنا بالمقياس الرسمي أحمل إجازة الحقوق (ليسانس) من سنة ١٩٣٣ وأستطيع أن أكون قاضياً؟ ولقد عرض عليّ ذلك الأستاذُ سامي بك العظم، صديق والدي وصديق خالي محبّ الدين الخطيب، وكان معدوداً مع جماعة الشيخ طاهر الجزائري من الطبقة التي كانت قبلنا من الرجال أمثال أستاذنا كرد علي وخالي محبّ الدين. وكنت أستطيع أن أكون محامياً، ولكنها -كما يقولون- «الظروف».

كانت لي صِلات بكبار رجال الأدب ورجال العلم، وكانت لي مكانة أدبية غير رتبتي الرسمية، كان لي بين المشايخ مكان ولي فيهم صوت مسموع، وإن كنت من أصغرهم وكان كثير منهم من مشايخي، وممّن أقبّل أيديهم وأُجِلّ أقدارهم وأعرف لهم حقوقهم. ولي في الأدباء منزلة، وإن كان فيهم من له سابقة ليست لي وكان له ذكر قبل نشوئي، وكان منهم من هو بموضع أساتذتي. وكانت مقالتي في الرسالة توضع بعد مقالات العشرة الكبار مباشرة من أمثال الزيات والعقّاد وطه حسين والمازني.

<<  <  ج: ص:  >  >>