للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والغضب (١)؛ فإذا غلبَت على الإنسان الشهوة وتَملّكه الغضب فقد أعلن استسلامه للشيطان. فأقبِلوا في هذا اليوم على الله فإنه يوم واحد في السنة، ولعلّكم لا تقفون هذا الموقف مرّة ثانية فحاولوا ألاّ تضيعوا دقيقة منه إلاّ في طاعة ودعاء، فإن لم تَدْعوا بألسنتكم فاذكروا الله بقلوبكم، تذكّروا ذنوبكم واستغفروا منها ربكم، فإن لم تفعلوا ذلك فلا أقلّ من أن تعصموا ألسنتكم عن الغيبة والكذب فإنهما حرام في كلّ يوم، وحرمتهما في اليوم أشد.

* * *

إن الاختلاف يكاد يكون في هذه الدنيا من لوازم الإنسان: اختلاف في القوميات وفي الألسن وفي المذاهب والألوان، ونزاع دائم: نزاع على الأموال وعلى اللذّة وعلى الجاه وعلى السلطان. اختلاف وتنازع في كلّ مكان وفي كلّ زمان، في أقصى الشرق وأقصى الغرب، من أقدم الأزمان إلى الآن، لا تجدون مكاناً واحداً يخلو من الاختلاف وتسقط فيه حواجز الدم واللسان وتَمّحي فيه فوارق الغِنى والسلطان إلاّ هذا المكان.

ولو كان مثل هذا المشهد لأمة من الأمم الحيّة التي تُقدّر أمجادها وتُحصي مفاخرها لَنُظم فيه مئة ملحمة وألف رواية وعشرة آلاف قصيدة ومقطوعة، ولباهوا به الإنس والجن. وأين مثل هذا المشهد؟

أين تجدون مليون شخص أو مليونين، يأتون من كل بلد في


(١) اقرأ فصل «يوم مع الشيطان» في كتابي «صور وخواطر».

<<  <  ج: ص:  >  >>