للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: يحتمل أن يكون حديثًا مستقلًا عن حديث الجماعة، تفرد به الحسن بن عبيد الله النخعي، دون أصحاب طلحة بن مصرف، فيكون بذا صحيحًا غريبًا، ولقد هممت بتصحيحه اعتمادًا على توثيق أبي حاتم والنسائي له [على تشددهما في الرجال]، وقد وثقه أيضًا: يحيى بن سعيد القطان [لكن قدم عليه الحسن بن عمرو الفقيمي]، وابن معين، والفسوي، وابن سعد، والعجلي، وابن حبان، وقال الساجي: "صدوق"، وقال أحمد وابن معين -من رواية الدارمي عنه-: "ليس به بأس"، وليس له من الحديث إلا القليل، فقد روى قريبًا من ثلاثين حديثًا، وهو يشارك الثقات فيما يروونه، فإذا كان هذا حاله فالأقرب أن يكون ضابطًا لحديثه، لقلته، فيقل وقوع الوهم منه، لكني لما رأيت قول البخاري فيه: "لم أخرج حديث الحسن بن عبيد الله لأن عامة حديثه مضطرب"، وكذا قول الدارقطني: "الحسن: ليس بالقوي، ولا يقاس بالأعمش"، وهذا الذي ذهب إليه البخاري والدارقطني لم يكن بدعًا من القول، فإن قول أحمد وابن معين: "ليس به بأس" ليلقي بظلاله على أوهامه التي منعت هذين الإمامين من إطلاق التوثيق عليه، كما أن يحيى القطان لم يوثقه بإطلاق، ولكن قدم عليه الحسن بن عمرو الفقيمي [التهذيب (١/ ٤٠٢ و ٤١٠)، فتح الباري (٤/ ٢٦٩)، طبقات ابن سعد (٦/ ٣٤٨)، سؤالات أبي داود للإمام أحمد (٣٧٥)، تاريخ ابن معين للدارمي (٢٥٢)، المعرفة والتاريخ (٣/ ١٨٢)، مشاهير علماء الأمصار (١٢٩١)، تاريخ أسماء الثقات (٢٠٧)، ذيل الميزان (٢٧٨)]، كذلك فإن الإمام مسلم لما أخرج له في صحيحه اعتمد روايته عن إبراهيم بن سويد وإبراهيم بن يزيد النخعيين، دون غيرهما [انظر: صحيح مسلم (١١٧٥ و ٢١٦٩ و ٢٧٢٣)]، وأكثر ما أخرج له مسلم عنهما وعن بقية مشايخه إنما هو في المتابعات والشواهد، دون الأصول [انظر: صحيح مسلم (٨٥ و ٥٧٢ و ١٠٨٠ و ١١٩٠)] [وانظر: رجال مسلم لابن منجويه (٢٤٧)]، إلا ما كان من روايته عن هذين، إذ الغالب على الراوي أنه يضبط حديث قومه أكثر من غيرهم، ولم يخرج له البخاري شيئًا.

والبخاري لما سأله الترمذي عن حديث اختلف فيه الحسن والأعمش على إبراهيم النخعي، وقدم فيه قول الحسن، ولكونه زاد في الإسناد رجلين [علل الترمذي الكبير (٦٥٣)]، فلما ذهب الدارقطني في علله (٢/ ٢٠٤/ ٢٢٢) إلى ترجيح قول الأعمش، فقال: "وقد ضبط الأعمش إسناده وحديثه، وهو الصواب"، فراجعه البرقاني بما ذهب إليه البخاري حيث حكم فيه للحسن، فقال الدارقطني: "وقول الحسن بن عبيد الله: عن قرثع: غير مضبوط؛ لأن الحسن بن عبيد الله: ليس بالقوي، ولا يقاس بالأعمش" [نقله أيضًا: الخطيب في الموضح (١/ ١٦٦)، [وانظر أيضًا في أوهامه وغرائبه: علل الدارقطني (٥/ ٢٢٢/ ٨٣٤) و (٥/ ٢٤٢/ ٨٥٢)، أطراف الغرائب (١٧٤)].

لما رأيت ذلك كله، فقد توقفت عن قبول حديثه هذا، إذ الأقرب أنه من جملة أوهامه، فإنه لم يشارك الثقات الذين رووا هذا الحديث سوى في طرف واحد فقط، وهو:

<<  <  ج: ص:  >  >>