وأحب أن أشير في نهاية هذا البحث في طرق حديث ابن عباس في ليلة القدر: أن رواية خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس - رضي الله عنه -، عن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، قال:"التمسوا ليلة القدر في أربع وعشرين": رواية شاذة، خالف فيها خالد بن مهران الحذاء [وهو: ثقة] أصحاب عكرمة؛ أيوب السختياني، وعاصم بن سليمان الأحول، وسماك بن حرب، وقتادة، وهم جميعًا ثقات، ولم يقل أحد منهم:"في أربع وعشرين"، والله أعلم.
* * *
[٣٢٠ - باب فيمن قال: ليلة إحدى وعشرين]
١٣٨٢ - . . . يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخدري، قال: كان رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يعتكف العشر الأوسط من رمضان، فاعتكف عامًا حتى إذا كانت ليلةَ إحدى وعشرين، وهي الليلةُ التي يخرج فيها من اعتكافه، قال:"من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر، وقد رأيت هذه الليلة ثم أُنسيتُها، وقد رأيتني أسجد [من] صبيحتها في ماءٍ وطين، فالتمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر".
قال أبو سعيد: فمطرت السماء من تلك الليلة، وكان المسجد على عريش فوَكَفَ المسجد، فقال أبو سعيد: فأبصرت عيناي رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - وعلى جبهته وأنفه أثرُ الماء والطين من صبيحة إحدى وعشرين.
حديث متفق على صحته
أخرجه البخاري (٢٠١٨ و ٢٠٢٧)، ومسلم (١١٦٧/ ٢١٣ و ٢١٤)، وتقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (٩/ ٥٣٩/ ٨٩٥).
وله شاهد من حديث عبد الله بن أنيس:
رواه الضحاك بن عثمان، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن بسر بن سعيد، عن عبد اللّه بن أنيس؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"أُريتُ ليلة القدر، ثم أُنسيتُها، وأُراني صبحها أسجد في ماء وطين"، قال: فمُطرنا ليلةَ ثلاثٍ وعشرين، فصلى بنا رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، فانصرف وإن أثر الماء والطين على جبهته وأنفه.
أخرجه مسلم (١١٦٨)، وسبق ذكره تحت الحديث رقم (١٣٨٠)، وقد تقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (٩/ ٥٤٤/ ٨٩٥).
والصواب: ليلة إحدى وعشرين، كما في حديث أبي سعيد المتفق عليه؛ لاتفاق الواقعة، وعدم تعددها، وقد جزم بوقوع الوهم في رواية ابن أنيس هذه: أبو نعيم الحداد