المُفصَّل، نحو سورة المنافقين وأشباهها، ورُوي عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والتابعين أنهم قرؤوا بأكثرَ من هذا وأقلَّ، فكان الأمر عندهم واسعٌ في هذا، وأحسن شيء في ذلك ما رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قرأ {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}، {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}.
• ***
[١٣٤ - باب الرجل يعيد سورة واحدة في الركعتين]
٨١٦ - قال أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح: حدثنا ابن وهب: أخبرني عمرو، عن ابن أبي هلال، عن معاذ بن عبد الله الجهني؛ أن رجلًا من جهينة أخبره؛ أنَّه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الصبح:{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} في الركعتين كلتيهما، فلا أدري أنسي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أم قرأ ذلك عمدًا؟.
***
• حديث ضعيف.
أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي (٢/ ٣٩٠).
قال النووي في الخلاصة (١٢٢٦)، وفي المجموع (٣/ ٣٣٧): "رواه أبو داود بإسناد صحيح".
وقال ابن حجر في نتائج الأفكار (١/ ٤٣٥): "رواته موثقون".
وقال الشوكاني في النيل (٢/ ٢٥٤): "الحديث سكت عنه أبو داود والمنذري، وقد قدمنا أن جماعة من أئمة الحديث صرحوا بصلاحية ما سكت عنه أبو داود للاحتجاج، وليس في إسناده مطعن؛ بل رجاله رجال الصحيح، وجهالة الصحابي لا تضرُّ عند الجمهور، وهو الحق".
وقال أيضًا:"تردَّدَ الصحابيُّ في أن إعادةَ النبي - صلى الله عليه وسلم - للسورة هل كان نسيانًا؛ لكون المعتاد من قراءته أن يقرأ في الركعة الثانية غير ما قرأ به في الأُولى؟ فلا يكون مشروعًا لأمته، أو فعله عمدًا لبيان الجواز؛ فتكون الإعادة متردِّدةً بين المشروعية وعدمها، إذا دار الأمر بين أن يكون مشروعًا أو غيرَ مشروع؛ فَحَملُ فعلِه - صلى الله عليه وسلم - على المشروعية أولى؛ لأنَّ الأصل في أفعاله التشريع، والنسيان على خلاف الأصل".
قلت: تحقيقه الأخير هو حق ظاهر؛ إذ حملُ أفعاله التعبدية المحضة في الصلاة وغيرها على التشريع أولى من حملها على النسيان الَّذي هو خلاف الأصل من جهة، ومن جهة أخرى: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يُسأل عن ذلك من قِبَل الصحابة، ولا ابتدأهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ببيان سبب التكرار لسورة الزلزلة في الركعتين، مما يدل على أن فعله كان للتشريع، وأنه لم يكن نسيانًا، مثل ما وقع في أحاديث سجود السهو، لكن هذا الكلام مبني على صحة المقدمة التي اعتمد عليها، وهي صحة الحديث وثبوت الخبر.