• فهذا الحديث قد رُوي عن معاذ الجهني عن سعيد بن المسيب مرسلًا:
رواه إسماعيل بن جعفر، وعبد الله بن نمير، وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير [وهم ثقات]، وغيرهم:
عن سعد بن سعيد بن قيس الأنصاري، عن معاذ بن عبد الله بن حُبيب الجهني، عن سعيد بن المسيب؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ في الصبح:" {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}، يقرأ بها في كل ركعة.
وفي رواية: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفجر، فقرأ في الركعة الأُولى بـ {إِذَا زُلْزِلَتِ}، ثم قام في الثانية فأعدها.
أخرجه أبو داود في المراسيل (٤٠)، وسعيد بن منصور (٨/ ٥٩١ - الدر المنثور)، وعلي بن حجر في حديث إسماعيل بن جعفر (٤١٨ و ٤١٩)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (٢/ ٦٨١/ ١٠٠٩ و ١٠١٠).
فإن قيل: كيف تُعارض رواية سعيد بن أبي هلال الموصولة برواية سعد بن سعيد المرسلة، وقد علمتَ أن سعيدًا أوثق من سعد؟
فيقال: سعد بن سعيد بن قيس الأنصاري: قال أحمد: "ضعيف"، وقال النسائي في الضعفاء: "ليس بالقوي"، وقال مرة حين ذكره في معرض المقارنة مع أخويه يحيى وعبد ربه: "ضعيف"، والأقرب في هذا أن النسائي تبع الإمام أحمد في تضعيفه، فقد قال في موضع آخر من السنن الكبرى: "سعد بن سعيد: ضعيف؛ كذاك قال أحمد بن حنبل، وهم ثلاثة إخوة: يحيى بن سعيد بن قيس: الثقة المأمون، أحد الأئمة، وعبد ربه بن سعيد: لا بأس به، وسعد بن سعيد ثالثهم: ضعيف"، وقال الترمذي: "وقد تكلم بعض أهل الحديث في سعد بن سعيد من قِبَل حفظه"، فلعله يعني بذلك: الإمام أحمد أيضًا، وذكر الطحاوي رغبة أهل الحديث عن حديثه، وأنهم يتكلمون في حديثه، ولا يبعد أيضًا أن يكون هذا لتضعيف أحمد إياه، ولهذا أيضًا: أورده العقيلي في الضعفاء، ولم يورد له حديثًا واحدًا أنكره عليه، وإنما اكتفى بإيراد قول أحمد فيه.
والذي يظهر في أن الإمام أحمد لم يُرِد بذلك تضعيفه تضعيفًا مطلقًا، فإن أقواله الأخرى تدل على أنَّه إنما أراد تليينه، وبيان خطئه في الرواية، فقد سأل أبو داود الإمامَ أحمد عن سعد، فقال: "ليس هو مثل هؤلاء، أعني: أخويه يحيى وعبد ربه، سعد: ليس بمحكم الحديث"، وقال أيضًا في معرض المقارنة بينه وبين أخويه: "يحيى بن سعيد وأخويه -يعني: عبد ربه بن سعيد وسعد بن سعيد- فضعَّف سعدًا"، كذا في سؤالات المروذي.
وأما ابن معين فقد اختلفت الرواية عنه، فقيل عنه أنَّه ضعفه في روايةٍ [ولا يُعلم على وجه التحقيق من رواها]، وقال في رواية الكوسج: "صالح"، وفي رواية ابن محرز: "ثقة"، وعليه: فالأُولى أن يقال بأن ابن معين ممن وثق سعدًا، لا ممن ضعفه.