سيرين عن أنس في القنوت بعد الركوع، ثم قال الدارمي:"أقول به، وآخذ به، ولا أرى أن آخذ به إِلَّا في الحرب"، وفي هذا رد على الشافعي في عدم الدليل على استدامة قنوت الفجر، بل صحة الدليل على ترك القنوت بعد انقطاع داعيه.
وقال الترمذي في الجامع (٤٠١): "واختلف أهل العلم في الفنوت في صلاة الفجر: فرأى بعض أهل العلم من أصحاب النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم: القنوت في صلاة الفجر، وهو قول الشافعي. وقال أحمد وإسحاق: لا يقنت في الفجر إِلَّا عند نازلة تنزل بالمسلمين، فإذا نزلت نازلة فللإمام أن يدعو لجيوش المسلمين".
وقال ابن المنذر في الأوسط (٥/ ٢١٠): "ثبتت الأخبار عن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - أنه قنت بعد الركوع في صلاة الصبح، وبه نقول، إذا نزلت نازلة احتاج الناس من أجلها إلى القنوت قنت إمامهم بعد الركوع".
قال ابن الملقن في البدر المنير (٤/ ٣٣٠): " قال الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله: أختار القنوت بعد الركوع؛ لأن كل شيء يثبت عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - في القنوت إنما هو بعد الركوع، فلم يصح عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - في قنوت الوتر قبل أو بعد شيء".
ورجح الأثرم في الناسخ (١٥٠) أن القنوت يكون بعد الركوع؛ لأن أكثر الأحاديث الصحيحة عليه.
ومن فقه قنوت النوازل:
قال ابن جرير في تهذيب الآثار (١/ ٣٨٥): "فالقنوت إذا نابت المسلمين نائبةٌ، أو نزلت بهم نازلة، نظيرة النائبة والنازلة التي نابت ونزلت بالمسلمين بمصابهم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمن قُتل منهم ببئر معونة، على من قتلهم وأعان قاتليهم من المشركين، في كل صلاة مكتوبة، على ما روي عن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - من فعله في ذلك، إلى أن يكشف اللّه عنهم النازلة التي نزلت، إما بالظفر بعدوهم الذي كان من قِبَلهم النازلة، وإما بدخولهم في الإسلام، أو باستسلامهم للمسلمين، أو بغير ذلك من الأمور التي يكون بها الفوج للمسلمين من مكروه ما نزل بهم، سنة حسنة، وإن كانت النائبةُ والنازلةُ سببًا غير ذلك، فإلى أن يزول ذلك عنهم، وذلك أن أبا هريرة روى عن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - مع ابن عباس، قنوتَه على كفار مضر شهرًا، وذكر أبو هريرة أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ترك بعد ذلك، قال: فقلت: ما بال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ترك الدعاء؟ فقيل لي: أوما تراهم قد جاؤوا؛ يعني: أن الذين كان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يدعو عليهم قد جاؤوا مسلمين".
[٣٤٦ - باب في فضل التطوع في البيت]
١٤٤٧ - . . . عبد اللّه -يعني: ابن سعيد بن أبي هند-، عن أبي النضر، عن بُسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت، أنه قال: احتجر رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - في المسجد حُجرةً، فكان رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يخرج من الليل فيصلي فيها، قال: فصلوا معه لصلاته -