التِّرمذيُّ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال:"أسفروا بالفجر فإنَّه أعظم للأجر"، وقد صحَّحه التِّرمذيُّ، وهذا الحديث لو كان معارضًا لم يقاومها، لأنَّ تلك في الصحيحين، وهي مشهورة مستفيضة، والخبر الواحد إذا خالف المشهور المستفيض كان شاذًا، وقد يكون منسوخًا؛ لأنَّ التغليس هو فعله حتَّى مات، وفعل الخلفاء الراشدين من بعده ... ".
ثم ذكر من تأول الإسفار بالخروج منها، ومن تأوله بتبين الفجر، ثم ختم بذكر بعض الأسباب المقتضية للتأخير، وله في ذلك جواب آخر مختصر فلينظر.
وقال ابن القيِّم في إعلام الموقعين (٢/ ٤٣٨): "المثال الثالث والستون: رد السنة المحكمة الصريحة في تعجيل الفجر، وأن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ فيها بالستين إلى المائة، ثم ينصرف منها والنساء لا يُعرفن من الغلس، وإن صلاته كانت التغليس حتَّى توفاه الله، وإنه إنما أسفر بها مرَّة واحدة، وكان بين سحوره وصلاته قدر خمسين آية، فرد ذلك بمجمل حديث رافع بن خديج:"أسفروا بالفجر فإنَّه أعظم للأجر"، وهذا بعد ثبوته إنَّما المراد به: الأسفار بها دوامًا لا ابتداءً، فيدخل فيها مغلسًا ويخرج منها مسفرًا، كما كان يفعله، فقوله موافق لفعله، لا مناقض له، وكيف يظن به المواظبة على فعل ما الأجر أعظم في خلافه؟! "، وانظر أيضًا: طريق الهجرتين (٣٣٠)، بدائع الفوائد (٤/ ٨٩٣).
***
[٩ - باب في المحافطة على وقت الصلوات]
٤٢٥ - . . . محمَّد بن مطرف، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله الصنابحي، قال: زعم أبو محمَّد أن الوتر واجب، فقال عبادة بن الصَّامت: كذب أبو محمَّد، أشهد أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "خمس صلوات افترضهن الله -عَزَّ وَجَلَّ-، مَن أحسن وُضوءَهنَّ، وصلاهنَّ لوقتهنَّ، وأتمَّ ركوعهُنَّ، وخُشوعهُنَّ، كان له على الله عهد أن يغفرَ له، ومَن لم بفعل؛ فليس له على الله عهد، أن شاء غفرَ له، وإن شاء عذَّبه".
• حديث شاذ بهذا الإسناد وللفظ، وهو حسن بمجموع طرقه.
أخرجه أحمد (٥/ ٣١٧)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصَّلاة (١٠٣٤)، وأبو بكر الشَّافعي في فوائده (الغيلانيات)(٨٥٤)، والطبراني في الأوسط (٥/ ٥٦/ ٤٦٥٨) و (٩/ ١٢٦/ ٩٣١٥)، وأبو نعيم في الحلية (٥/ ١٣٠ - ١٣١)، والبيهقيّ (٢/ ٢١٥) و (٣/ ٣٦٦)، وابن عبد البر (٢٣/ ٢٩١)، والبغوي في شرح السنة (٢/ ٥٠١/ ٩٧٣)، والضياء المقدسي في المختارة (٨/ ٣٢٠/ ٣٨٥ و ٣٨٦)، والمزي في تهذيب الكمال (٢٥/ ٤٣).
زاد بعضهم من طريق أبي داود وغيره: "وسجودهن" بعد "ركوعهن".