ظاهر الكتاب جماعة دون عدد جماعة بغير حجة، ولو كان لله في عددٍ دون عددٍ مرادٌ لبين ذلك في كتابه، أو على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فلما عمَّ ولم يخصَّ كانت الجمعة على كل جماعةٍ في دار إقامةٍ على ظاهر الكتاب، وليس لأحد مع عموم الكتاب أن يخرج قومًا من جملته بغير حجة يُفزع إليها".
وقال أيضًا: "وليس لاحتجاج من احتج بقصة أسعد في أن لا تجزئ جمعةٌ بأقلَّ من أربعين؛ حجةٌ، إذ ليس في شيء من الأخبار أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم إذا كان عددهم كذا أن يصلُّوا، أو إن نقصوا من ذلك العدد لم يصلوا، إنما كتب أن يصلي بمن معه، ولو ورد كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وعددهم أقل من أربعين فترك أن يصلي بهم؛ لكان تاركًا لما أمره به"؛ إلى أن قال: "وقد صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أول ما قدم المدينة وليس فيها منبر، وليس المنبر والقاضي والحدود من أمر الصلاة بسبيل".
• وأما من جعل الجمعة كسائر الصلوات إلا أن فيها خطبة، مثل النخعي والحسن بن صالح وأبي ثور وداود الظاهري وابن حزم؛ فلا حجة لهم فيما استدلوا به؛ ويرد عليه: أن قبائل العرب كانت حول المدينة، ولم يُنقَل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم بإقامة الجمعة، ولا أقاموها، وأما حديث عمر: فمحمول على أنه أراد حيث كنتم من بلد أو قرية؛ قاله العمراني في البيان (٢/ ٥٦٠).
ويدل عليه أيضًا: حديث ابن عباس، قال: إنَّ أوَّلَ جمعة جُمِّعَت في الإسلام بعد جمعة جُمِّعَت في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، لجمعةٌ جُمِّعت بجُواثا، قريةٍ من قرى البحرين [تقدم برقم (١٠٦٨)، وقد أخرجه البخاري (٨٩٢ و ٤٣٧١)]، وحديث عائشة؛ أنها قالت: كان الناسُ ينتابون الجمعةَ من منازلهم ومن العوالي [وهو حديث متفق عليه، تقدم برقم (١٠٥٥)]، وما صح عن علي، قال: لا جمعة ولا تشريق؛ إلا في مصر جامع، على ما قاله مالك وغيره، والله أعلم.
وانظر: المغني (٢/ ٨٩)، البيان (٢/ ٠ ٥٦).
***
[٢١٧ - باب إذا وافق يوم الجمعة يوم عيد]
١٠٧٠ - . . . إسرائيل: حدثنا عثمان بن المغيرة، عن إياس بن أبي رَمْلة الشامي، قال: شهدتُّ معاويةَ بن أبي سفيان، وهو يَسأل زيدَ بن أرقم، قال: شهدتَّ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عيدينِ اجتمعا في يومٍ؟ قال: نعم، قال: فكيف صنع؟ قال: صلى العيد، ثم رخَّص في الجمعة، فقال: "من شاء أن يصلِّيَ، فليُصلِّ".
* حديث صحيح
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (١/ ٤٣٨)، والنسائي في المجتبى (٣/ ١٩٤/ ١٥٩١)، وفي الكبرى (٢/ ٣١٠/ ١٨٠٦)، وابن ماجه (١٣١٠)، والدارمي (١/ ٤٥٩/ ١٦١٢)،