الثابتة، لا سيما ما أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة: أثبت من حديث عائشة -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا:"إذا أحدث أحدكم في صلاته فليأخذ بأنفه ثم لينصرف"، فإنه مختلف في وصله وإرساله، وسيأتي تحقيق القول فيه إن شاء اللَّه تعالى في تخريج السنن برقم (١١١٤).
° فإن قيل: فما علاقة حديث عائشة بما ترجم له أبو داود من استئذان المحدثِ الإمامَ يوم الجمعة وهو على المنبر؟
فيقال: قد وقع ذلك لبعض أمراء بني أمية، فقد روى سفيان الثوري، عن خالد الحذاء، عن ابن سيرين، قال: كان الناس يستأذنون في الجمعة [وفي رواية: وهو على المنبر]، ويقولون هكذا، يشير بثلاث أصابع، فلما كان زياد كثروا عليه فاغتم، فقال: من أمسك [وفي رواية: من وضع يده] على أنفه فهو إذْنُه.
أخرجه عبد الرزاق (٣/ ٢٤٣/ ٥٥٠٩)، وابن أبي شيبة (١/ ٤٥١/ ٥٢١١) و (٧/ ٣١٤/ ٣٦٤٢٦).
وإسناده صحيح إلى ابن سيرين مقطوعًا عليه قوله.
ولا دليل على صحة هذا الاستئذان، وما استدلوا به من آية سورة النور فإنما هو في الجهاد في سبيل اللَّه، ولا يدخل فيها الاستئذان من خطيب الجمعة، والمؤمن مؤتمن على طهارته، فيخرج إذا شاء، ويجلس إذا شاء، كما قال ابن العربي وغيره، قال مالك في الموطأ (١/ ١٦٢/ ٢٨٤): "ليس على من رعف أو أصابه أمرٌ لا بدَّ له من الخروج؛ أن يستأذن الإمامَ يومَ الجمعة إذا أراد أن يخرج"، واللَّه أعلم [انظر: الاستذكار (٢/ ٣٤)، أحكام القرآن لابن العربي (٣/ ٤٢٩)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٢/ ٣٢٠)].
قال ابن العربي في المسالك في شرح الموطأ (٢/ ٤٤٦): "والدليل على صحة ما ذهب إليه الجمهور [يعني في عدم الاستئذان]: أن الإمام إنما يُستأذن فيما فيه النظر إليه والمنع منه؛ لأن ذلك فائدة الاستئذان، وما ليس له منعه فلا يُستأذن فيه، ولذلك لا يستأذنه الناس".
* * *
[٢٣٧ - باب إذا دخل الرجل والإمام يخطب]
١١١٥ - . . . حماد، عن عمرو -وهو: ابن دينار-، عن جابر؛ أن رجلًا جاء يومَ الجمعة، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب، فقال:"أصليت يا فلان؟ "، قال: لا، قال:"قُمْ فاركع".
* حديث متفق على صحته
أخرجه البخاري في الصحيح (٩٣٠)، وفي القراءة خلف الإمام (١٥٦)، ومسلم (٨٧٥/ ٥٤)، وأبو عوانة (٣/ ٢٨٦/ ٣٠٢١ - إتحاف المهرة)، وأبو نعيم في مستخرجه على