للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لما قدم من دعا لهم، وتخلصوا من الأسر، وأسلم من دعا عليهم وجاؤوا تائبين، فكان قنوته لعارض، فلما زال ترك القنوت، ولم يختص بالفجر، بل كان يقنت في صلاة الفجر والمغرب".

إلى أن قال: "وكان هديه - صلى الله عليه وسلم - القنوت في النوازل خاصة، وتركه عند عدمها، ولم يكن يخصه بالفجر إلى أن قال: "فأهل الحديث متوسطون بين هؤلاء [يعني: أهل الكوفة الذين يكرهون القنوت في الفجر مطلقًا، وبين من استحبه عند النوازل وغيرها، وهم أسعد بالحديث من الطائفتين، فإنهم يقنتون حيث قنت رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، ويتركونه حيث تركه، فيقتدون به في فعله وتركه، ويقولون: فعله سنة وتركه سنة".

ثم عرج على حديث أبي جعفر الرازي، وبين ضعفه، وعدم احتجاج الأئمة به، وذكر شيئًا من مناكيره، ثم قال: "والمقصود: أن أبا جعفر الرازي صاحب مناكير، لا يحتج بما تفرد به أحدٌ من أهل الحديث البتة، ولو صح لم يكن فيه دليل على هذا القنوت المعين البتة، فإنه ليس فيه أن القنوت هذا الدعاء، فإن القنوت يطلق على القيام، والسكوت، ودوام العبادة، والدعاء، والتسبيح، والخشوع"، ثم ذكر دلائلها، ثم قال: "وأنس - رضي الله عنه - لم يقل: لم يزل يقنت بعد الركوع رافعًا صوته: اللَّهُمَّ اهدني فيمن هديت ... إلى آخره، ويؤمِّن من خلفه، ولا ريب أن قوله: "ربنا ولك الحمد، ملء السموات وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد" إلى آخر الدعاء والثناء الذي كان يقوله: قنوت، وتطويلُ هذا الركن قنوتٌ، وتطويل القراءة قنوت، وهذا الدعاء المعين قنوت، فمن أين لكم أن أنسًا إنما أراد هذا الدعاء المعين دون سائر أقسام القنوت؟ ".

* موضع القنوت:

روى إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب الزُّهري، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يدعو على أحد، أو يدعو لأحد، قنت بعد الركوع. [عند البخاري (٤٥٦٠)]. وهذا الحديث نص وقاعدة في قنوت النوازل، ويؤيده حديث أنس بن مالك: قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهرًا بعد الركوع [في صلاة الصبح]، يدعو على أحياء من العرب، وفي رواية: يدعو على أحياءٍ من أحياء العرب، ثم تركه. [أخرجه البخاري (٤٠٨٩)، ومسلم (٣٠٤/ ٦٧٧)].

وكذلك حديث ابن عمر وخفاف بن إيماء.

قال عبد الله بن أحمد في العلل ومعرفة الرجال (٣/ ١٥٤/ ٦٨٢): "حَدَّثَنِي أبي، قال: حَدَّثَنَا يحيى القطان، قال: كان شعبة ينكر القنوت في الوتر وفي الفجر؛ فيما أعلم".

وقال أبو محمد الدارمي بعد أن ترجم لباب القنوت بقوله: "القنوت بعد الركوع"، ثم أورد حديث أبي هريرة في القنوت بعد الركوع، ثم حديث عاصم الأحول عن أنس في القنوت بعد الركوع، ثم حديث البراء بن عازب في القنوت في الصبح، ثم حديث ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>