للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْجِسْمِ يَكُونُ حَائِلًا إلَّا إذَا كَانَ رَقِيقًا جِدًّا كَاَلَّذِي يَعْمَلُهُ النِّسَاءُ فِي أَظْفَارِهِنَّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا يَبْقَى أَثَرُهُ فَيُنْظَرُ فِي ذَلِكَ إلَى رِقَّةِ الْعَفْصِ وَثُخْنِهِ وَتَجَسُّدِهِ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ التُّونُسِيِّينَ فِي النَّشَادِرِ فَقِيلَ: إنَّهُ لَيْسَ بِلُمْعَةٍ؛ لِأَنَّهُ عَرَضٌ وَالْعَرَضُ لَيْسَ بِجِسْمٍ وَقِيلَ: لُمْعَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَتَقَشَّرُ وَرَدَّهُ صَاحِبُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الزَّائِلَ قِشْرَةُ الْيَدِ لِحَرَارَةِ مَائِهَا وَأَفْتَى أَبُو الْحَسَنِ الْقَيْرَوَانِيُّ بِأَنَّ الْحُرْقُوصَ لُمْعَةٌ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ السِّوَاكُ مِمَّا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ الشَّفَتَيْنِ انْتَهَى. وَيَعْنِي بِالسِّوَاكِ الْجَوْزَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) وَأَمَّا الْمِدَادُ فَجَعَلَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَائِلِ وَنَصُّهُ أَثَرُ كَلَامِهِ السَّابِقِ.

(فَرْعٌ) إذَا قُلْنَا: إنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ وَلَا مِنْ مِثْلِهِ فَهَلْ يُعْفَى عَنْهُ وَيَنْتَقِلُ الْفَرْضُ لِلْجِسْمِ الْحَائِلِ كَمَا فِي الظُّفْرِ يُكْسَى مَرَارَةً مِنْ ضَرُورَةٍ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فِيمَنْ تَوَضَّأَ وَعَلَى يَدَيْهِ مِدَادٌ فَرَآهُ بَعْدَ أَنْ صَلَّى عَلَى حَالِهِ: إنَّهُ لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ إذَا أَمَرَّ الْمَاءَ عَلَى الْمِدَادِ، ثُمَّ قَالَ: إذَا كَانَ الَّذِي كَتَبَ، كَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الْكَاتِبَ لَا يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِ الْكَاتِبِ، وَقَوْلُهُ: إنْ كَانَ إمْرَارُ الْمَاءِ عَلَى الْمِدَادِ وَاضِحٌ فِي إعْطَاءِ الْمِدَادِ حُكْمَ مَا تَحْتَهُ، فَإِنْ قِيلَ: الْمِدَادُ غَيْرُ حَائِلٍ وَإِنَّمَا هُوَ فِي حُكْمِ مَا يَصْبُغُ كَالْحِنَّاءِ قُلْنَا: لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْحِنَّاءَ تُزَالُ وَيَبْقَى أَثَرُهَا بِخِلَافِ الْمِدَادِ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ حَائِلٍ لَمْ يَكُنْ لِاشْتِرَاطِ كَوْنِهِ هُوَ الْكَاتِبَ مَعْنًى انْتَهَى. بِلَفْظِهِ وَنَقَلَهُ فِي النَّوَادِرِ قَبْلَ فَصْلِ التَّيَمُّمِ بِيَسِيرٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَلَفْظُهُ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمُ: وَمَنْ تَوَضَّأَ عَلَى مِدَادٍ بِيَدِهِ لَمْ يَضُرَّهُ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى مِدَادِ يَدَيْهِ لَمْ يَضُرَّهُ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى مِدَادٍ بِيَدِهِ أَجْزَأَهُ وَعَزَاهُ الطِّرَازُ لِرِوَايَةِ مُحَمَّدٍ وَقَيَّدَهُ بِالْكَاتِبِ وَقَيَّدَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِرِقَّتِهِ وَعَدَمِ تَجَسُّدِهِ إذْ هُوَ مِدَادُ مَنْ مَضَى انْتَهَى.

(قُلْتُ) قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ بِالْكَاتِبِ الَّذِي يَتَبَادَرُ مِنْ لَفْظِهِ أَنَّ الْمُقَيِّدَ لَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَمُحَمَّدٍ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِذَلِكَ مِنْ كَلَامِ مَالِكٍ فَإِنَّ لَفْظَهُ: ثُمَّ قَالَ: إذَا كَانَ الَّذِي كُتِبَ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ الْمُتَقَدِّمِ يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهَا مِنْ الرِّوَايَةِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ تَقْيِيدَ بَعْضِ شُيُوخِ ابْنِ عَرَفَةَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ فَتَأَمَّلْهُ.

وَنَقَلَ ابْنُ غَازِيٍّ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ وَقَبِلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ إنَّ الْكَاتِبَ قَيَّدَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا إلَخْ وَهُوَ تَصْحِيفٌ وَقَعَ فِي نُسْخَةِ ابْنِ غَازِيٍّ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: سُئِلَ السُّيُورِيّ هَلْ يَلْزَمُ زَوَالُ وَسَخِ الْأَظْفَارِ فِي الْوُضُوءِ؟ فَأَجَابَ لَا تُعَلِّقْ قَلْبَكَ بِهَذَا إنْ أَطَعْتَنِي وَاتْرُكْ الْوَسْوَاسَ وَاسْلُكْ مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ السَّلَفِ الصَّالِحِ تَسْلَمْ. قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: أَرَادَ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَفُ تَرْكُ هَذَا التَّعَمُّقِ فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ الْعَجِينِ وَالْمِدَادِ فِي الظُّفْرِ الَّذِي فِيهِ خِلَافٌ؛ لِأَنَّ حُكْمَ هَذَا حُكْمُ دَاخِلِ الْجِسْمِ وَلِتَكَثُّرِهِ فِي الْإِنْسَانِ فَأَشْبَهَ مَا عُفِيَ عَنْهُ مِنْ جِلْدِ الْبَثْرَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يَخْلُو الْجِسْمُ مِنْهُ غَالِبًا وَإِنْ كَانَ شَيْخُنَا الشَّبِيبِيُّ حَكَى فِيهِ الْخِلَافَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَالشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ وَظَاهِرُ الشَّرِيعَةِ التَّسَامُحُ فِي مِثْلِ هَذَا لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ ذَا وَسْوَسَةٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ وَذَكَرَ نَحْوَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَقَالَ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَخْلِيلِ قَصِّ الْأَظْفَارِ إذْ قَدْ يَحْصُلُ تَحْتَهَا مَا يَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ، وَهَذَا فِيمَا لَمْ يَطُلْ مِنْهَا طُولًا غَيْرَ مُعْتَادٍ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَمَّا تَعَلَّقَ بِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ انْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ: وَتَخْلِيلُ أَصَابِعِ يَدَيْهِ وَمَا يَكُونُ تَحْتَ رُءُوسِ الْأَظْفَارِ مِنْ الْوَسَخِ مَانِعٌ إذَا طَالَتْ انْتَهَى.

يُرِيدُ إذَا خَرَجَتْ عَنْ الْمُعْتَادِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْأَبِيِّ وَبِهَذَا أَيْضًا يُقَيَّدُ إطْلَاقُ الْبُرْزُلِيِّ وَمَا فِي نَظْمِ قَوَاعِدِ ابْنِ رُشْدٍ أَعْنِي قَوْلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>