للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الثَّالِثُ) لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الْوَجْهَ الثَّانِيَ فِي كَلَامِ الْبَاجِيِّ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهِ وَلَا فِي الْجَائِزَاتِ وَيَتَعَيَّنُ ذِكْرُهُ لِاخْتِيَارِ ابْنِ رُشْدٍ لَهُ.

(الرَّابِعُ) ذَكَرَ ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ أَنَّ اخْتِيَارَ مَالِكٍ أَنْ يَتَمَضْمَضَ ثَلَاثًا مِنْ غَرْفَةٍ ثُمَّ يَسْتَنْشِقَ ثَلَاثًا مِنْ غَرْفَةٍ. قَالَ: وَهُوَ أَوْلَى لِيَكُونَ الِاسْتِنْشَاقُ كُلُّهُ بَعْدَ الْمَضْمَضَةِ كُلِّهَا وَيَسْلَمَ مِنْ التَّنْكِيسِ انْتَهَى. وَهُوَ غَرِيبٌ أَعْنِي كَوْنَهُ اخْتِيَارَ مَالِكٍ.

(الْخَامِسُ) بَقِيَ مِنْ صِفَاتِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ صِفَةٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ ذَكَرَهَا وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَ غَرْفَةً فَيَتَمَضْمَضُ مِنْهَا مَرَّتَيْنِ ثُمَّ غَرْفَةً ثَانِيَةً فَيَتَمَضْمَضُ مِنْهَا الثَّالِثَةَ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مِنْهَا الْمَرَّةَ الْأُولَى ثُمَّ غَرْفَةً ثَالِثَةً يَسْتَنْشِقُ مِنْهَا مَرَّتَيْنِ وَالظَّاهِرُ جَوَازُهَا.

(السَّادِسُ) قَالَ فِي الطِّرَازِ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَمَضْمَضَ وَيَسْتَنْشِقَ بِيُمْنَاهُ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَمَأْثُورٌ فِي وُضُوءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ فِي الزَّاهِي: وَحَمْلُ الْمَاءِ لِذَلِكَ يَعْنِي لِلْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ بِالْيُمْنَى خَاصَّةً.

(السَّابِعُ) قَالَ فِي الزَّاهِي: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ ذَلِكَ يَعْنِي الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ مِنْ عِلَّةٍ تَمْنَعُهُ مِنْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ انْتَهَى.

(الثَّامِنُ) قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ: يُجْزِيهِ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثٍ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ. هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ أَعْنِي الِاقْتِصَارَ عَلَى ثَلَاثٍ فَإِنَّ مَغْسُولَاتِ الْوُضُوءِ كُلَّهَا كَذَلِكَ، وَكَانَ مُرَادُهُ - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - بِقَوْلِهِ أَحْسَنُ أَيْ أَحْسَنُ مِنْ الِاثْنَيْنِ لَا أَحْسَنُ مِنْ الْوَاحِدَةِ، إذْ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْوَاحِدَةِ مَكْرُوهٌ وَلَيْسَ بَيْنَ الْكَرَاهَةِ وَالْحُسْنِ صِيغَةُ أَفْعَلَ. وَلَوْ قَالَ: وَيُجْزِيهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الِاثْنَيْنِ لَكَانَ أَبْيَنَ انْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخ زَرُّوق فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ أَيْضًا: وَيُجْزِيهِ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثٍ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَيَعْنِي بِحَيْثُ يَفْعَلُ لِكُلٍّ وَاحِدَةٍ وَاحِدَةً أَوْ لِوَاحِدَةٍ أَكْثَرَ مِنْ الْأُخْرَى وَاثْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ، وَسَوَاءٌ الْفَعْلَاتُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ هُنَا أَوْ الْغَرَفَاتُ انْتَهَى. وَقَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ بِأَنْفِهِ الْمَاءَ وَيَسْتَنْثِرُهُ ثَلَاثًا: تَقَدَّمَتْ كَرَاهَةُ مَالِكٍ لِمَا دُونَهَا لَا سِيَّمَا عِنْدَ الْقِيَامِ مِنْ النَّوْمِ فَفِي الصَّحِيحِ «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلَاثًا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ انْتَهَى. وَيُشِيرُ بِقَوْلِهِ تَقَدَّمَتْ كَرَاهَةُ مَالِكٍ لِمَا دُونَهَا إلَى مَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ، وَنَصُّهُ الِاسْتِنْشَاقُ جَذْبُ الْمَاءِ بِأَنْفِهِ وَنَثْرُهُ بِنَفَسِهِ وَيَدُهُ عَلَى أَنْفِهِ ثَلَاثًا، وَكَرِهَهُ مَالِكٌ دُونَهُمَا. قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق أَيْ دُونَ الثَّلَاثِ وَدُونَ الْيَدِ عَلَى الْأَنْفِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(قُلْتُ) الْمَوْجُودُ فِي نُسَخِ ابْنِ عَرَفَةَ دُونَهَا بِإِفْرَادِ الضَّمِيرِ أَيْ دُونَ جَعْلِ الْيَدِ عَلَى الْأَنْفِ، وَكَأَنَّهُ فِي نُسْخَةِ الشَّيْخِ زَرُّوق بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ.

(التَّاسِعُ) قَالَ فِي الزَّاهِي: وَمَنْ احْتَاجَ إلَى أَكْثَرَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْعَدَدِ فَعَلَهُ وَلَا حَرَجَ انْتَهَى.

(قُلْتُ) بِأَنْ يَكُونَ فِي فَمِهِ أَوْ أَنْفِهِ نَجَاسَةٌ أَوْ غَيْرُهَا وَلَمْ يَخْرُجْ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ

ص (وَاسْتِنْثَارٌ)

ش: يَعْنِي أَنَّ السُّنَّةَ الرَّابِعَةَ الِاسْتِنْثَارُ وَهُوَ لُغَةً طَرْحُ الْمَاءِ مِنْ الْأَنْفِ بِالنَّفَسِ، مَأْخُوذٌ مِنْ نَثَرْتُ الشَّيْءَ إذَا طَرَحْتُهُ، وَقِيلَ: إنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ تَحْرِيكِ النَّثْرَةِ وَهِيَ طَرَفُ الْأَنْفِ، وَفِي الشَّرْعِ طَرْحُ الْمَاءِ مِنْ أَنْفِهِ بِنَفَسِهِ مَعَ وَضْعِ أُصْبُعَيْهِ عَلَى أَنْفِهِ، وَكَرِهَهُ مَالِكٌ دُونَ وَضْعِ يَدَيْهِ عَلَى أَنْفِهِ وَقَالَ: هَكَذَا يَفْعَلُ الْحِمَارُ، وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق: قَالُوا وَإِنَّمَا يَمْسِكُهُ مِنْ أَعْلَاهُ ثُمَّ يَمُرُّ لِآخِرِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُنَظِّفُ وَيَشُدُّ أَصَابِعَهُ بِالْإِخْرَاجِ، وَكَوْنُ ذَلِكَ بِالْيَسَارِ هُوَ الْأَوْلَى وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيَنْثُرُهُ بِنَفَسِهِ وَأُصْبُعِهِ: مُرَادُهُ الْإِبْهَامُ وَالسَّبَّابَةُ مِنْ الْيَدِ الْيُسْرَى؛ لِأَنَّهَا الْمُعَدَّةُ لِإِزَالَةِ الْأَوْسَاخِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ: قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: وَيَفْعَلُهُمَا بِالْيُمْنَى وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَيَسْتَنْثِرُ بِالْيُسْرَى وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - انْتَهَى. وَجَعَلَ الْمُصَنِّفُ الِاسْتِنْثَارَ سُنَّةً مُسْتَقِلَّةً وَهُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ، وَفِي كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ مَيْلٌ إلَيْهِ. قَالَ فِي الْإِكْمَالِ: الِاسْتِنْشَاقُ وَالِاسْتِنْثَارُ عِنْدَنَا سُنَّتَانِ وَعَدَّهُمَا بَعْضُ شُيُوخِنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>