للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالِاسْتِنْشَاقُ وَالِاسْتِنْثَارُ وَمَسْحُ الْأُذُنَيْنِ مَعَ تَجْدِيدِ الْمَاءِ لَهُمَا، وَالْمَنْصُوصُ لِمَالِكٍ أَنَّهُمَا مِنْ الرَّأْسِ وَإِنَّمَا السُّنَّةُ فِي تَجْدِيدِ الْمَاءِ لَهُمَا وَقَدْ قِيلَ فِي غَيْرِ الْمَذْهَبِ: إنَّهُمَا مِنْ الرَّأْسِ يُمْسَحَانِ مَعَهُ وَلَا يُجَدَّدُ لَهُمَا الْمَاءُ. وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُمَا مِنْ الْوَجْهِ يُغْسَلَانِ مَعَهُ وَقِيلَ: بَاطِنُهُمَا مِنْ الْوَجْهِ وَظَاهِرُهُمَا مِنْ الرَّأْسِ، وَالصَّوَابُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٍ ثُمَّ قَالَ: وَثَمَانٍ قِيلَ فِيهَا: إنَّهَا سُنَنٌ وَقِيلَ: مُسْتَحَبَّةٌ، وَعُدَّ مِنْهَا اسْتِيعَابُ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ انْتَهَى. وَلَهُ نَحْوُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ التَّبْيِينِ وَالتَّقْسِيمِ قَالَ فِي سَمَاعِ مُوسَى مِنْ كِتَابِ الطَّهَارَةِ: الْأُذُنَانِ عِنْدَ مَالِكٍ مِنْ الرَّأْسِ وَإِنَّمَا السُّنَّةُ عِنْدَهُ تَجْدِيدُ الْمَاءِ لَهُمَا وَإِنَّمَا قَالَ: إنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَى مَنْ نَسِيَهُمَا فِي وُضُوئِهِ وَصَلَّى مَعَ أَنَّ مَسْحَ جَمِيعِ الرَّأْسِ عِنْدَهُ وَاجِبٌ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ الرَّأْسِ وَقَدْ قِيلَ أَيْضًا: إنَّهُ لَا يَلْزَمُ اسْتِيعَابُ مَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ انْتَهَى. نَعَمْ صَرَّحَ ابْنُ يُونُسَ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَسْحِ وَالتَّجْدِيدِ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَقَالَ لَمَّا عَدَّ سُنَنَ الْوُضُوءِ: وَمَسْحُ دَاخِلَ الْأُذُنَيْنِ وَفِي ظَاهِرِهِمَا اخْتِلَافٌ قِيلَ: فَرْضٌ، وَقِيلَ: سُنَّةٌ وَتَجْدِيدُ الْمَاءِ لَهُمَا سُنَّةٌ انْتَهَى. وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ فِي التَّوْضِيحِ أَرَادَ أَنْ يَنْسِبَ ذَلِكَ لِابْنِ يُونُسَ فَعَزَاهُ لِابْنِ رُشْدٍ أَوْ وَقَعَ ذَلِكَ لِابْنِ رُشْدٍ فِي غَيْرِ الْمُقَدِّمَاتِ.

(الثَّانِي) قَوْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ الْمَشْهُورُ لَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ الْمَاءِ لَهُمَا إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَسْحَ وَالتَّجْدِيدَ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا سُنَّتَانِ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا مَسَحَ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدٍ فَقَدْ أَتَى بِإِحْدَى السَّنَّتَيْنِ فَتَأَمَّلْهُ.

ص (وَرَدُّ مَسْحِ رَأْسِهِ)

ش: يَعْنِي أَنَّ السُّنَّةَ السَّابِعَةَ رَدُّ الْيَدَيْنِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ، فَإِنْ بَدَأَ مِنْ مُقَدَّمِ رَأْسِهِ كَمَا هُوَ الْمُسْتَحَبُّ فِي ذَلِكَ رَدَّهُمَا مِنْ الْمُؤَخَّرِ إلَى الْمُقَدَّمِ، وَإِنْ بَدَأَ فِي الْمَسْحِ مِنْ مُؤَخَّرِ رَأْسِهِ وَتَرَكَ الْمُسْتَحَبَّ مِنْ ذَلِكَ فَالسُّنَّةُ أَنْ يَرُدَّهُمَا مِنْ الْمُقَدَّمِ إلَى الْمُؤَخَّرِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ وَعَبْدُ الْحَقِّ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَالْفَرْضُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ وَاحِدٌ وَهُوَ بُلُوغُ الْيَدَيْنِ إلَى مُؤَخَّرِهِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَرُدَّهُمَا لَأَجْزَأَهُ، وَالسُّنَّةُ رَدُّهُمَا مِنْ الْقَفَا إلَى مُقَدَّمِ الرَّأْسِ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: وَإِنْ بَدَأَ رَجُلٌ مِنْ مُؤَخَّرِ رَأْسِهِ إلَى مُقَدَّمِهِ لَكَانَ الْمَسْنُونُ أَنْ يَرُدَّ مِنْ الْمُقَدَّمِ إلَى الْمُؤَخَّرِ انْتَهَى. وَنَقَلَ ذَلِكَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لَمَّا عَدَّ السُّنَنَ: وَرَدُّ الْيَدَيْنِ مِنْ مُنْتَهَى الْمَسْحِ لِمَبْدَئِهِ سُنَّةٌ. ابْنُ رُشْدٍ وَقَدْ قِيلَ: فَضِيلَةٌ انْتَهَى.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَرَدَّ الْيَدَيْنِ مِنْ مُؤَخَّرِ رَأْسِهِ إلَى مُقَدَّمِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الرَّدَّ لَا يَكُونُ سُنَّةً إلَّا إذَا كَانَ مِنْ الْمُؤَخَّرِ إلَى الْمُقَدَّمِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَالَ: وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ الِابْتِدَاءُ مِنْ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ سُنَّةً وَهُوَ خِلَافُ مَا يَأْتِي لَهُ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْفَضَائِلِ انْتَهَى. وَسَيُصَرِّحُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا بِأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ رَدَّ الْيَدَيْنِ ثَالِثَةً فِي مَسْحِ الرَّأْسِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ. قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَاخْتُلِفَ فِي رَدِّ الْيَدَيْنِ ثَالِثَةً فَقِيلَ: لَا فَضِيلَةَ فِي ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْبَغْدَادِيِّينَ وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي جَاءَتْ أَحَادِيثُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَسْحِ الرَّأْسِ ثَلَاثًا، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَنْ يُمِرَّ الْيَدَيْنِ مِنْ الْمُقَدَّمِ إلَى الْمُؤَخَّرِ ثُمَّ يَرُدُّهُمَا إلَى الْمُؤَخَّرِ نَحْوَ مَا رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ يُرِيدُ وَلَا يَسْتَأْنِفُ الْمَاءَ لِلثَّانِيَةِ وَلَا لِلثَّالِثَةِ، وَلَا فَائِدَةَ فِي إعَادَةِ الْيَدِ لِلثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ بَقِيَ فِي الْيَدِ بَلَلٌ، وَالْغَالِبُ بَقَاءُ الْبَلَلِ فِي الْيَدِ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ: وَفِي كَوْنِ رَدِّ الْيَدَيْنِ ثَالِثَةً فَضِيلَةً قَوْلَا إسْمَاعِيلَ وَالْأَكْثَرِ، وَنَقَلَهُ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ.

(الثَّالِثُ) يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيّ هَذَا أَنَّ الرَّدَّ إنَّمَا يُطْلَبُ إذَا بَقِيَ فِي الْيَدِ بَلَلٌ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهَا بَلَلٌ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ فَتَأَمَّلْهُ.

(الرَّابِعُ) يُكْرَهُ التَّكْرَارُ بِمَاءٍ جَدِيدٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَكَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَمَنْ تَرَكَ فَرْضًا أَتَى بِهِ

ص (وَتَرْتِيبُ فَرَائِضِهِ)

ش: يَعْنِي أَنَّ السُّنَّةَ الثَّامِنَةَ مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ أَنْ يُرَتِّبَ فَرَائِضَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>