للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَضَائِلِ وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: وَإِنْ خَافَ أَنْ تُصِيبَهُ النَّجَاسَةُ فَلَا يَتَوَضَّأُ فِيهِ بِوَجْهٍ، وَإِنْ أَمِنَ مِنْ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى تَرْكُهُ وَلَا يُلْحَقُ بِرُتْبَةِ الْفَضَائِلِ انْتَهَى.

(قُلْتُ) فَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَلَى طَرِيقِ الْبَحْثِ وَإِلَّا فَقَدْ عَدَّهُ فِي فَضَائِلِ الْوُضُوءِ وَمُسْتَحَبَّاتِهِ فِي كِتَابِ التَّنْبِيهِ وَفِي كِتَابِ التَّحْرِيرِ وَكَذَلِكَ فَعَلَ غَيْرُهُ مِنْ الشُّيُوخِ وَهَذَا مِثْلُ مَا يَأْتِي لَهُ فِي وَضْعِ الْإِنَاءِ عَلَى الْيَمِينِ.

(فَرْعٌ) عَدَّ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ وَالشَّبِيبِيُّ مِنْ فَضَائِلِ الْوُضُوءِ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ.

(فَرْعٌ) عُدَّ مِنْ الْفَضَائِلِ اسْتِشْعَارُ النِّيَّةِ فِي جَمِيعِ الْوُضُوءِ.

(فَرْعٌ) وَعَدَّ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ أَيْضًا مِنْ الْفَضَائِلِ أَنْ يَقْعُدَ عَلَى مَوْضِعٍ مُرْتَفِعٍ عَنْ الْأَرْضِ. قَالَ: لِئَلَّا يَتَطَايَرَ عَلَيْهِ مَا يَنْزِلُ فِي الْأَرْضِ.

(فَرْعٌ) قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي الْقُرْطُبِيَّةِ: وَالسَّابِعُ الْفَوْرُ وَأَنْتَ جَالِسٌ. قَوْلُهُ: وَأَنْتَ جَالِسٌ زِيَادَةٌ لِإِصْلَاحِ الْوَزْنِ وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ الْجُلُوسُ فِي الْوُضُوءِ وَإِنْ كَانَ مَنْدُوبًا لِلتَّمَكُّنِ انْتَهَى. هَكَذَا قَالَ فِي نُسَخِ الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ، وَقَالَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: قَوْلُ النَّاظِمِ وَأَنْتَ جَالِسٌ أَتَى بِهِ لِتَمَامِ الْبَيْتِ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِمَقْصُودٍ كَمَا يَفْهَمُهُ الْعَوَامُّ الْجَهَلَةُ وَأَنَّ مَنْ قَامَ مِنْ مَوْضِعِهِ أَوْ تَكَلَّمَ بَطَلَ وُضُوءُهُ وَهَذَا جَهْلٌ عَظِيمٌ.

ص (وَقِلَّةُ مَاءٍ بِلَا حَدٍّ كَالْغُسْلِ)

ش: يَعْنِي أَنَّ مِنْ فَضَائِلِ الْوُضُوءِ أَيْ مُسْتَحَبَّاتِهِ تَقْلِيلَ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْغُسْلُ يُسْتَحَبُّ فِيهِ تَقْلِيلُ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ تَقْلِيلَ الْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ مُسْتَحَبٌّ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي قَوَاعِدِهِ وَالْقَرَافِيُّ فِي الذَّخِيرَةِ وَالشَّبِيبِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَقَالَهُ فِي النَّوَادِرِ وَسَيَأْتِي لَفْظُهَا وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِي رَسْمِ الشَّجَرَةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الطَّهَارَةِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَأَنْكَرَ مَالِكٌ قَوْلَ مَنْ قَالَ فِي الْوُضُوءِ حَتَّى يَقْطُرَ الْمَاءُ أَوْ يَسِيلَ، وَقَدْ كَانَ بَعْضُ مَنْ مَضَى يَتَوَضَّأُ بِثُلُثِ الْمُدِّ. وَلَفْظُ الْأُمِّ وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَذْكُرُ قَوْلَ النَّاسِ فِي الْوُضُوءِ حَتَّى يَقْطُرَ أَوْ يَسِيلَ، قَالَ: فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَطِّرْ قَطِّرْ إنْكَارًا لِذَلِكَ، وَقَالَ فِي الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ: قَالَ مَالِكٌ: رَأَيْت عَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْفَضْلِ يَأْخُذُ الْقَدَحَ فَيَجْعَلُ فِيهِ قَدْرَ ثُلُثِ مُدِّ هِشَامٌ فَيَتَوَضَّأُ بِهِ وَيَفْضُلُ مِنْهُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ وَأَعْجَبَ مَالِكًا ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنَّمَا أَعْجَبَهُ وَاسْتَحْسَنَهُ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ إحْكَامُ الْغُسْلِ مَعَ قِلَّةِ الْمَاءِ فَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَوَضَّأَ بِمُدٍّ وَتَطَهَّرَ بِصَاعٍ» وَرُوِيَ «أَنَّهُ تَوَضَّأَ بِنِصْفِ الْمُدِّ» وَذَلِكَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلَّا الْعَالِمُ السَّالِمُ مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ، وَإِلَى فِعْلِ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ هَذَا أَشَارَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِقَوْلِهِ وَكَانَ بَعْضُ مَنْ مَضَى يَتَوَضَّأُ بِثُلُثِ الْمُدِّ يَعْنِي مُدَّ هِشَامٍ لَا ثُلُثَ مُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ جِدًّا لَا يُمْكِنُ إحْكَامُ الْوُضُوءِ بِهِ انْتَهَى. وَقَوْلُ الشَّيْخِ فِي الرِّسَالَةِ: وَقِلَّةُ الْمَاءِ مَعَ إحْكَامِ الْغُسْلِ سُنَّةٌ، وَالسَّرَفُ مِنْهُ غُلُوٌّ وَبِدْعَةٌ لَيْسَ مُخَالِفًا لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ قَالَ الْبِسَاطِيُّ: لِأَنَّهُ قَدْ يُطْلِقُ السُّنَّةَ عَلَى الْمُسْتَحَبِّ انْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ: لَمْ يُرِدْ بِالسُّنَّةِ الَّتِي هِيَ مِنْ أَقْسَامِ الْمُسْتَحَبِّ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِالسُّنَّةِ هُنَا ضِدَّ الْبِدْعَةِ انْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق يَعْنِي سُنَّةً يُسْتَحَبُّ الْعَمَلُ بِهَا فَهُوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ انْتَهَى.

(قُلْتُ) وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَإِنَّمَا أَعْجَبَ مَالِكًا وَاسْتَحْسَنَهُ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ إلَخْ. وَعَبَّاسٌ الْمَذْكُورُ قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: هُوَ عَبَّاسٌ بِبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ وَسِينٍ مُهْمَلَةٍ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: وَالشُّيُوخُ يَقُولُونَ عَيَّاشٌ يَعْنِي بِمُثَنَّاةِ تَحْتِيَّةٍ وَشِينٍ مُعْجَمَةٍ وَهُوَ خَطَأٌ انْتَهَى. وَالْمَشْهُورُ أَنَّ مُدَّ هِشَامٍ مُدٌّ وَثُلُثَا مُدٍّ بِمُدِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.

(الثَّانِي) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ نَفْيِ التَّحْدِيدِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: لَا يُجْزِي فِي الْغُسْلِ أَقَلُّ مِنْ صَاعٍ وَلَا فِي الْوُضُوءِ أَقَلُّ مِنْ مُدٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا أَرْطَبَ مِنْ أَعْضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهَذَا الْقَوْلُ عَزَاهُ عِيَاضٌ لِابْنِ شَعْبَانَ وَعَزَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ لِلشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ وَهُوَ ابْنُ شَعْبَانَ، وَعَزَاهُ الْفَاكِهَانِيُّ لِلشَّيْخِ

<<  <  ج: ص:  >  >>