للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكْرَهْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِحُصُولِ السَّمَاعِ لِلْمَأْمُومِ هُنَاكَ غَالِبًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خِلَافًا فِي حَالٍ انْتَهَى، وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْإِمَامِ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ وَيُصَلِّي قَوْمٌ فَوْقَ الْمَسْجِدِ بِصَلَاتِهِ فَكَرِهَهُ مَرَّةً وَأَجَازَهُ أُخْرَى وَعُلِّلَتْ الْكَرَاهَةُ بِالْبُعْدِ عَنْ الْإِمَامِ أَوْ تَفْرِقَةِ الصُّفُوفِ وَعَدَمِ التَّحَقُّقِ لِمُشَاهَدَةِ أَفْعَالِ الْإِمَامِ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْجَوَازُ إذَا قَرُبَ أَعْلَى الْمَسْجِدِ مِنْ أَسْفَلِهِ فَيَكُونُ خِلَافًا فِي حَالٍ انْتَهَى، وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فَقَالَ لِبُعْدِهِ عَنْ الْإِمَامِ، وَقِيلَ لِكَوْنِهِ لَا يُشَاهِدُ أَفْعَالَهُ، وَقِيلَ لِتَفْرِيقِ الصُّفُوفِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ كَانَ السَّطْحُ قَرِيبًا لَمْ يُكْرَهْ، وَعَلَى الثَّانِي إنْ شَاهَدَ أَفْعَالَ الْإِمَامِ أَوْ الْمَأْمُومِينَ لَمْ يُكْرَهْ، وَعَلَى الثَّالِثِ يُكْرَهُ مُطْلَقًا انْتَهَى، وَالظَّاهِرُ التَّعْلِيلُ بِالْبُعْدِ فَلَمَّا رَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ هَذَا الْبُعْدَ يُمْكِنُ مَعَهُ مُرَاعَاةُ أَفْعَالِ الْإِمَامِ بِحُصُولِ السَّمَاعِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ أَجَازَهُ وَكَرِهَهُ فِي مَسْأَلَةِ أَبِي قُبَيْسٍ الْمُتَقَدِّمَةِ لِكَثْرَةِ الْبُعْدِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ لِقَوْلِ مَالِكٍ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (لَا عَكْسُهُ)

ش: يَعْنِي، وَأَمَّا عَكْسُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ عَلَى مَكَانِ أَعْلَى مِنْ مَكَانِ الْمَأْمُومِ فَلَا يَجُوزُ قَالَهُ الشَّارِحُ وَابْنُ غَازِيٍّ وَغَيْرُهُمَا قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ، وَقَدْ نَهَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ عَلَى أَنْشَزَ مِمَّا عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ انْتَهَى، وَمَعْنَى أَنْشَزَ أَرْفَعُ، وَذَكَرَ فِي الطِّرَازِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِالْمَدَائِنِ فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَتَقَدَّمَ عَمَّارٌ وَقَامَ عَلَى دُكَّانٍ يُصَلِّي وَالنَّاسُ أَسْفَلَ مِنْهُ فَتَقَدَّمَ حُذَيْفَةُ وَأَخَذَ عَلَى يَدَيْهِ فَتَبِعَهُ عَمَّارٌ حِينَ أَنْزَلَهُ حُذَيْفَةُ فَلَمَّا فَرَغَ عَمَّارٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَرَحِمَهُ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ أَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «إذَا أَمَّ الرَّجُلُ الْقَوْمَ فَلَا يَقُمْ فِي مَكَان أَرْفَعَ مِنْ مَقَامِهِمْ» - أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ - فَقَالَ عَمَّارٌ لِذَلِكَ اتَّبَعْتُك حِينَ أَخَذْت عَلَى يَدَيَّ خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُد، وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الشَّرْحِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَةَ تَقْتَضِي التَّرَفُّعَ فَإِذَا انْضَافَ إلَى ذَلِكَ عُلُوُّهُ عَلَيْهِمْ فِي الْمَكَانِ دَلَّ عَلَى قَصْدِهِ الْكِبْرَ انْتَهَى.

ص (وَبَطَلَتْ بِقَصْدِ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ بِهِ الْكِبْرَ)

ش: اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَتْ النُّسَخُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَفِي بَعْضِهَا كَقَصْدِ إمَامٍ بِكَافِ التَّشْبِيهِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ وَبَطَلَتْ مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ " لَا عَكْسُهُ " فَيَقْتَضِي أَنَّ عُلُوَّ الْإِمَامِ عَلَى الْمَأْمُومِ مُبْطِلٌ لِصَلَاتِهِ، وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْكِبْرَ، ثُمَّ شَبَّهَ بِذَلِكَ فِي الْبُطْلَانِ مَا إذَا قَصَدَ الْإِمَامُ أَوْ الْمَأْمُومُ بِهِ الْكِبْرَ وَعَلَى ذَلِكَ شَرْحُ الشَّارِحِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لِقَصْدِ بِاللَّامِ وَفِي بَعْضِهَا بِالْبَاءِ وَعَلَيْهَا تَكَلَّمَ ابْنُ غَازِيٍّ، قَالَ وَذَلِكَ أَمْثَلُ أَيْ وَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ بِسَبَبِ قَصْدِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ بِالْعُلُوِّ الْكِبْرَ كَأَنَّهُ تَكَلَّمَ أَوَّلًا فِيمَا إذَا سَلِمَا مِنْ قَصْدِ الْكِبْرِ فَنَوَّعَهُ إلَى جَائِزٍ وَمَمْنُوعٍ قَائِلًا وَعُلُوُّ مَأْمُومٍ، وَلَوْ بِسَطْحٍ لَا عَكْسُهُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ ثَانِيًا فِي قَصْدِ الْكِبْرِ فَقَطَعَ بِالْبُطْلَانِ فِيهِمَا وَذَلِكَ مُسْتَلْزِمٌ لِعَدَمِ جَوَازِهِمَا، وَهَذَا الَّذِي سَلَكَ يُمْكِنُ تَمْشِيَتُهُ مَعَ بَعْضِ النُّقُولِ انْتَهَى. وَالنُّسْخَةُ الَّتِي بِاللَّامِ مُوَافِقَةٌ لِلنُّسْخَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا وَالنُّسْخَةُ الَّتِي بِالْكَافِ مُوَافِقَةٌ لِظَاهِرِ مَا فِي التَّهْذِيبِ فَإِنَّهُ قَالَ وَلَا يُصَلِّي الْإِمَامُ عَلَى شَيْءٍ أَرْفَعَ مِمَّا عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ، فَإِنْ فَعَلَ أَعَادُوا أَبَدًا؛ لِأَنَّهُمْ يَعْبَثُونَ إلَّا الِارْتِفَاعَ الْيَسِيرَ مِثْلَ مَا كَانَ بِمِصْرَ فَتَجْزِيهِمْ الصَّلَاةُ انْتَهَى. وَالنُّسْخَتَانِ الْأُخْرَيَانِ مُوَافِقَتَانِ لِظَاهِرِ أَصْلِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ سَنَدٌ، قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي إمَامٍ يُصَلِّي بِقَوْمٍ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ خَلْفَهُ أَسْفَلُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ قَالَ فِي شَرْحِهَا، وَقَدْ أَسْقَطَ الْبَرَاذِعِيّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي اخْتِصَارِهِ اكْتِفَاءً مِنْهُ بِمَا بَعْدَهَا وَلَيْسَتْ بِمَعْنَاهَا اهـ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ عَلَى شَيْءٍ هُوَ أَرْفَعُ مِمَّا يُصَلِّي عَلَيْهِ مَنْ خَلْفَهُ مِثْلُ الدُّكَّانِ يَكُونُ فِي الْمِحْرَابِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَشْيَاءِ قَالَ سَحْنُونٌ قُلْت لَهُ فَإِنْ فَعَلَ قَالَ عَلَيْهِمْ الْإِعَادَةُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ يَعْبَثُونَ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى دُكَّانٍ يَسِيرِ الِارْتِفَاعِ مِثْلِ مَا كَانَ عِنْدَنَا بِمِصْرَ فَإِنَّ صَلَاتَهُمْ تَامَّةٌ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى.

(فَرْعٌ) ، فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ " لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ " لَيْسَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي نَفْيَ الصِّحَّةِ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>