للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الله شرعه، وآمن به، وأيقن وعلم أنه تعالى أحكم الحاكمين، وأرحم بخلقه من الوالدة بولدها، فإنه تعالى هو العالم بكل شيء، القادر على كل شيء، العادل في كل شيء" (١).

وقال السعدي: "فلا ثمّ إلا حكم الله ورسوله أو حكم الجاهلية. فمن أعرض عن الأول ابتلي بالثاني المبني على الجهل والظلم والغي، ولهذا أضافه الله للجاهلية، وأما حكم الله تعالى فمبني على العلم، والعدل والقسط، والنور والهدى" (٢).

وقال -تعالى-: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: ٥٤].

{أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ}؛ أي: "له الخلق الذي صدرت عنه جميع المخلوقات علويها وسفليها، أعيانها وأوصافها وأفعالها، والأمر المتضمن للشرائع والنبوات، فالخلق: يتضمن أحكامه الكونية القدرية، والأمر: يتضمن أحكامه الدينية الشرعية، وثم أحكام الجزاء، وذلك يكون في دار البقاء" (٣)، وكما أن مخلوقات الله تسير وفق سنن ثابتة، وينعم الناس بهذا الثبات، ويشقون عند اختلاله كما إذا خرق الثبات بركان ضخم أو زلزال عظيم أو طوفان مهول، عندها يشعر البشر بنعمة هذا الثبات، فكذا أمره جاء كاملًا وثابتًا لتهنأ البشرية في ظلّه إن التزمته، ويقع فساد عظيم عند خرقه.

وقال -تعالى-: {قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} [آل عمران: ١٥٤].

قال السعدي: {قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} "الأمر يشمل الأمر القدري، والأمر الشرعي" (٤).

وقال -تعالى-: {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٥) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (٦)} [الفرقان: ٦].

قال ابن كثير: {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ} أي: الله الذي يعلم غيب


(١) تفسير ابن كثير ص ٤١٨.
(٢) تفسير السعدي ص ٢٣٥.
(٣) المرجع السابق ص ٢٩١.
(٤) المرجع السابق ص ١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>