للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السماوات والأرض، ويعلم السرائر كعلمه بالظواهر" (١).

وقد وصف سبحانه كتابه أنه تنزيل العزيز العليم الحكيم، فتكون شريعته متضمنة لدلالات هذه الأسماء الجليلة، قال -تعالى-: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١)} [الزمر: ١]، وقال -تعالى-: {حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٢)} [غافر:١ - ٢]، وقال -تعالى-: {حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (٢)} [الجاثية: ١ - ٢] وقال -تعالى-: {حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (٢)} [الأحقاف:١ - ٢].

وقال -تعالى-: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (١٦٦)} [النساء: ١٦٦].

قال السعدي: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} يحتمل أن يكون المراد أنزله مشتملًا على علمه؛ أي: فيه من العلوم الإلهية والأحكام الشرعية والأخبار الغيبية ما هو من علم الله تعالى الذي علم به عباده. ويحتمل أن يكون المراد: أنزله صادرًا عن علمه، ويكون في ذلك إشارة وتنبيه على وجه شهادته، وأن المعنى: إذا كان تعالى أنزل هذا القرآن المشتمل على الأوامر والنواهي، وهو يعلم ذلك ويعلم حالة الذي أنزله عليه، وأنه دعا الناس إليه، فمن أجابه وصدقه كان وليه، ومن كذبه وعاداه كان عدوه واستباح ماله ودمه، والله تعالى يمكنه ويوالي نصره ويجيب دعواته، ويخذل أعداءه وينصر أولياءه، فهل توجد شهادة أعظم من هذه الشهادة وأكبر؟ " (٢).

وقال -تعالى-: {اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (١٧)} [الشورى: ١٧].

قال السعدي: "فقال: {اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ}. فالكتاب هو هذا القرآن العظيم، نزل بالحق، واشتمل على الحق والصدق واليقين، وكله آيات بينات، وأدلة واضحات، على جميع المطالب الإلهية والعقائد الدينية، فجاء بأحسن المسائل وأوضح الدلائل. وأما الميزان، فهو العدل والاعتبار بالقياس الصحيح والعقل الرجيح، فكل الدلائل العقلية، من الآيات الآفاقية والنفسية،


(١) تفسير ابن كثير ص ٩٤٧.
(٢) تفسير السعدي ص ٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>