عن الإسلام والمسلمين من أجل تنفير الأوروبيين من الإسلام، وكوّنوا مع الزمن تراثًا ثقيلًا من الأكاذيب يضغط على عقول الأوروبيين ويعمي أبصارهم عن رؤية الحقيقة، وما زال هذا التراث بمفاهيمه الأساسية يضغط إلى اليوم على تصورات الغربيين حول الإسلام.
هكذا كان الوضع: مدن إسلامية مزدهرة بالعلم والتقدم تغري العالم من حولها، وفي الوقت نفسه حقد دفين على الإسلام ظهر بوضوح عند فلول المهزومين في الحروب الصليبية وغيرها عبّر عنها مجموعة من رجال الكنيسة بأسلوب رخيص يعتمد على تزوير الحقائق أمام شعوبهم. وأمام هذا الوضع خلصوا إلى أهمية أخذ علم المسلمين من جهة، والامتناع عن الاستنارة بنور الإسلام من جهة أخرى. فكان من آثار الأول ولادة العلم الجديد في أوروبا، ومن آثار الثاني ولادة علم الاستشراق الذي ولد بقرار كنسي (١) لا ليتعلموا الإسلام؛ وإنما ليكون أداة في نقض الإسلام بحسب تعبير "الفارو" السابق ومسهّلًا لعمليات التنصير.
وهكذا ترسخت في الغرب طريقة أو منهجية -في أثناء الاحتكاك بالعالم الإسلامي- يمكن أن نطلق عليها اسم طريقة المسموح والممنوع وهي طريقة لا تخلو منها أمة من الأمم غالبًا أثناء احتكاكها بثقافة أخرى. فالمسموح به هو علوم المسلمين ومناهجهم العلمية، وقد يصل الأمر إلى الحث على تعلمها والتسابق إلى ذلك. أما الممنوع فهو دين الإسلام ونور الله في الأرض وهدايته إلى خلقه، وتجاوز أمر المنع إلى رسم صورة مظلمة عن الإسلام؛ ليصنعوا بذلك حاجزًا بين أقوامهم وبين الإسلام. ورغم كل جهود المنع وما صاحبها من تشويه وتلبيس إلا أن نور الإسلام قد تسلل إلى بعض العقلاء فأسلموا أو أنصفوه بين قومهم وقالوا كلمة الحق والعدل فيه.
وفي مقابل هذه الصورة الغربية نجد صورة مغايرة سلكها الجيل التغريبي في العالم الإسلامي في أثناء احتكاك المسلمين بالغرب، حيث تغيّرت منهجية أو طريقة "المسموح والممنوع"، فقد كان همّ التغريبيين نقل الأيديولوجيات والمذاهب والتيارات الفكرية الغربية، ونشطوا في ذلك نشاطًا كبيرًا، حتى ملأوا