للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صفة خاصة بالموضوعات، بل نسبية تلحق بأنواع الذوات" (١)، وقد كثرت مدارس علم النفس، ومن أبرزها حضورًا في الفكر التغريبي نجد المدرسة الفرويدية والسلوكية، وهي تنظر للقيم من منظور نظريات كل مدرسة، كما أن القيم تعد موضوعًا أساسيًا من موضوعات علم النفس الاجتماعي (٢).

الموقف الثالث: الاجتماعية، وتعد المدرسة الفرنسية أشهرها، وهي الأكثر حضورًا في الفكر التغريبي، مثل "دوركايم" و"ليفي بريل" وأستاذها القديم "كونت" (٣)، فـ"نجد أن علماء الاجتماع ينظرون إلى جميع القيم، بما في ذلك القيم الأخلاقية، على أنها صادرة عن المجتمع، وهذا المصدر؛ أي: المجتمع، هو الذي تستمد منه الظاهرة الأخلاقية طابع التقديس" (٤)، أراد "دوركايم" مثلًا "في كتابه "التربية الخلقية" أن يبعد كل تأثير للعقائد الدينية في بث عناصر الأخلاق في النفوس، فإنه حرص مع ذلك على أن يكون للعاطفة والشعور مكان في التربية الأخلاقية، إذ إن هذه العاطفة أو هذا الشعور هما اللذان يحفزان إلى العمل الأخلاقي. ولكنه بدلًا من أن يربط هذه العاطفة أو هذا الشعور بقوة غيبية هي الآلهة التي تحض الأديان على عبادتها، وتجعل منها الغاية الأسمى لكل عمل أخلاقي؛ ربطها بفكرة الجماعة التي يتعلق بها الفرد. . . . وقد أدرك أن الإلزام الخلقي. . . . يجب أن يستند إلى شيء يبرره، ولكنه كان قد استبعد فكرة الإله؛ لاقتناعه كأوجست كونت، بأن الفلسفة اللاهوتية قد انقضى زمنها، فإنه قد استعاض عن هذه الفكرة بديانة الجماعة أو باتخاذ الجماعة كغاية عليا للنشاط الإنساني. فالمصدر المقدس لكل القيم هو


(١) نظرية القيم في الفكر المعاصر، قنصوه ص ٧١، وانظر: المذاهب الأخلاقية .. ، د. عادل العوا ٢/ ٦٠٨ وما بعدها، وانظر: الأخلاق عند فرويد، محمَّد العجيلي، رسالة ماجستير قدم لها الدكتور عادل العوا.
(٢) انظر: المرجع السابق، قنصوه ص ٧٧. وسيأتي لها بحث في الفصل الثاني من الباب الثالث.
(٣) انظر: الموسوعة الفلسفية العربية ص ٤٣، وانظر: قضايا في الفكر المعاصر، د. محمَّد الجابري ص ٤٣ - ٤٤، وانظر: منهج البحث الاجتماعي. . . .، محمَّد أمزيان ص ٦٣ - ٦٨، وانظر: المذاهب الأخلاقية .. ، د. عادل العوا ٢/ ٣٤٧ - ٥٢٧.
(٤) الأخلاق بين الفلسفة وعلم الاجتماع، د. السيد محمَّد بدوي ص ١٤٤، وانظر: المرجع السابق، قنصوه ص ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>