للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطبقي (١)، ثم هو يبشر بما يحدث في نصف العالم الذي ينتقل لطور جديد طور "المرحلة الاشتراكية في الاقتصاد والاجتماع على السواء، إذ إن أدوات الإنتاج التي كانت تملكها طبقة فحسب، أعيدت -أو في سبيل إعادتها- إلى القوى المنتجة .. للرجل والمرأة جميعًا" عندها يختفي "ذلك الوضع الشاذ -وهو سيطرة الرجل على المرأة- بدخول المرأة ميادين الإنتاج، إذ تنتفي الدوافع التي كانت سببًا في سيطرة الرجل" (٢)، ويسقط مع سقوط المجتمع الطبقي الحجاب، وكل نظام يقترب من الفطرة، من زواج وأسرة وتربية للأبناء وممارسة الجنس وغيرها (٣).

تقع هذه النظرة في نفس الإشكاليات التي تقع فيها النظرة السابقة من جهة أصل العائلة، فهي تقع في بؤرة إشكالية إقامة دعوى عن إباحية جنسية أول الوجود الإنساني، إلا أن الحجاب هنا ولد مع الملكية الفردية وما تبعه من ظهور المجتمع الطبقي، فيختزل الأمر في الجانب الاقتصادي، ويختزل تبعًا لذلك تاريخ الإنسانية في هذا الجانب، ثم يربط الحل بالجانب نفسه، ويطرح النموذج الشيوعي نموذجًا طوباويًا لمجتمع في اتصال جنسي قائم على الحب دون الحاجة لنظام الأسرة، ويقوم المجتمع بتربية الأطفال، وتختفي كلمة لقيط، والشرف والعار وكل الأمور التي هي إفراز شاذ لمجتمع طبقي، ولا شك أن ذلك النموذج الذي يعرضونه قد سقط سقطة مهولة، وقد كان من أكبر ضحاياه المرأة في تلك المجتمعات، حيث تشير التقارير الدولية عن أكبر عملية تجارة للرقيق الأبيض من الجمهوريات الاشتراكية التي بشر بها هذا الماركسي وأمثاله.

وفي الختام قد يكون من المناسب ذكر موقف منسوب لقاسم أمين في آخر حياته: "لقد كنت أدعو المصريين قبل الآن إلى اقتفاء أثر الترك، بل الإفرنج في تحرير نسائهم، وغاليت في هذا المعنى حتى دعوتهم إلى تمزيق ذلك الحجاب، وإلى إشراك النساء في كل أعمالهم ومآدبهم وولائمهم .. ولكني أدركت الآن خطر هذه الدعوة بما اختبرته من أخلاق الناس، فلقد تتبعت خطوات النساء في كثير من


(١) المرجع السابق ص ١٦٩.
(٢) المرجع السابق ص ١٧٢.
(٣) انظر: المرجع السابق، ١٧٢ - ١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>