للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أشهرهم ولاسيّما في مجال الفكر والثقافة والعلم ثلاثة: "عزيز العظمة" و"محمَّد أركون" و"فؤاد زكريا"، فالأول: يدافع عنها بمنهجية تاريخية ذات بعد ماركسي، أما الثاني: فيعتمد على العلوم الاجتماعية المعاصرة، وأما الثالث: فجعل من نفسه منافحًا عن العلمانية العلمية، وفي مجال العلم بالذات نجد دفاعهم المستميت حول أهمية علمنته، وربطهم مستقبل العلم بالعلمنة فضلًا عن غيره، وفي المقابل لهم جهد بارز في محاربة مشروعات التأصيل الإِسلامي ومعاداة جهود المسلمين في أسلمة المعرفة.

المثال الأول: جاء التحمس للعلمنة مع الدكتور: "عزيز العظمة" فأخرج كتابه: "العلمانية من منظور مختلف" مدافعًا فيه عن العلمانية ومبشرًا بها من خلال رصد تاريخي مطول، وكانت نتيجته أن المستقبل هو للعلمانية، ففي مبحث "علمانية الفكر ونكوص الإصلاحية" توصل إلى أن "الثقافة العلمانية، خصوصًا العلمية والتاريخية منها. . . . قد تغلغلت إلى طليعة المفكرين الإِسلاميين الإصلاحيين" (١)، وقد وصلت العلمانية بآخرين إلى نقد الدين، واستند نقدهم إلى أساسين: النزعة العلموية الوضعية والعلمانية الاجتماعية والفكرية، "ومؤدى الاثنين فصل الدين عن الحياة العقلية فصلًا تامًا، والبحث في أموره بحثًا عقليًا، وتاريخيًا، واجتماعيا يتقصى أصوله الدنيوية دون أن يرفض بالضرورة إمكانية صدق بلاغه عن وجود إلهي" (٢).

أي: أن الحياة العقلية تنفصل عن الدين، ويبحث حتى في الدين وفق العقل المنفصل لا المتصل، ويُصبح "النظر العلماني" معممًا على "المجال الإِسلامي" (٣) وهذا يؤدي إلى تنازع على "المرجعية" بين العقل الديني والعقل العلماني، "العقل الديني الإيماني الغيبي الذي كان لا يزال مسيطرًا على قطاعات هامة من العملية التربوية كما رأينا. . . . وبين المثقفين الجدد في الجامعات والصحف والمجلات وبعض الأحزاب السياسية"، وذلك في أثناء حديثه عن الحالة المصرية، ويقوم هذا التنازع "على مقاومة الأزهر الأفكار الجديدة وثقافتها


(١) العلمانية من منظور مختلف، د. عزيز العظمة ص ٢٢١.
(٢) انظر: العلمانية من منظور مختلف ص ٢٢٤.
(٣) المرجع السابق ص ٢٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>