[طه: ١٢٤] , ولكنهم يرفضون الاعتراف بهذه الأزمة الروحية، ونجد هذا المعنى مضمرًا بكثرة في كتابات أركون ومصرحًا به أحيانًا، ومن بين ما نجده من كلامه قوله:"إن التعليم العلماني للظاهرة الدينية، كما أتصوره وأمارسه في جميع دروسي ومحاضراتي عبر العالم، ينبغي ألَّا يقبل إطلاقًا بإعادة إدخال التعليم الديني التقليدي إلى المدارس. هذه نقطة ينبغي أن يتفق عليها الجميع وبطريقة فكرية وعلمية لا مرجوع عنها. ينبغي أن نتبع منظورًا آخر مختلفًا تمامًا. والشيء الجديد حقًا في هذا المنظور، بل والحديث والتحريري المثري هو أن نعيد للأديان حقيقة مقاصدها، ووظائفها التاريخية، وإسهاماتها الثقافية، وطاقتها الإلهامية. وهذه المكانة والوظائف التي احتلتها الأديان سابقًا لم يعوّض عنها حتى الآن من قبل أي شيء آخر. فلا النزعة الأدبية والتجريدية التي هجرت الآن وبحق استطاعت أن تعوض عنها, ولا العقل التلفزي -التكنلوجي- العلمي الذي يقود حركة العولمة الحالية استطاع أن يغنينا عنها. بل إن هذا الأخير أكثر عجزًا من غيره عن القيام بذلك. إن مهمة أنْسَنة الإنسان لا تنتهي أبدًا، وكذلك مهمة السيطرة على العنف، والتحكم بالمخيالات الجماعية، ورفض الشموليات الاستبدادية الملتبسة بلباس العلم أو الأديان. . . . وهكذا نرى أنه ضمن هذا المعنى فإن كلمة العلماني اخترعت في ظل الصراع على السلطة أكثر مما هو صراع على المعنى. أقصد الصراع الذي جرى في القرن التاسع عشر بين الكنيسة والدولة في فرنسا. وبالتالي فإن هذه الكلمة لم تعد كافية الآن. ويمكن القول بأنها أصبحت خادعة، بل وحتى خطرة ضمن مقياس أنها تقوم بنوع من الاستبعاد والحذف. . . ."(١)، والتدريس العلماني للدين يواصل حظر تعليم العبادات والعقائد "وإنما الشيء الجديد والحديث فعلًا هو أن نكشف عن حقيقة أهداف الأديان، وعن وظائفها التاريخية، وعن منجزاتها الثقافية، ومكانتها التي لم تستطع أية نزعة إنسية حديثة أن تملأ الفراغ الذي خلّفته حتى الآن بشكل كامل، أقصد بمكانتها هنا تلك المهمة التي لا تنتهي أبدًا بالنسبة إلى الإنسان، والتي تكمن في أنْسَنَة الإنسان والسيطرة على العنف وضبط المتخيّلات الجماعية ورفض الأيديولوجيات الاستبدادية والتوتاليتارية التي تتلبّس بلباس