للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلم والأديان أيضًا" (١).

وإن كان مترجمه وشارح أفكاره يوضح أن أركون مع اعترافه بهذه المشكلات التي جلبتها العلمانية، ولاسيّما ذاك الفراغ المخيف إلا أنه بسبب عقيدته العلمانية يرفض الدين، يقول الشارح: "يقصد أركون بأن الفلسفات الحديثة التي حلّت محلّ الأديان في المجتمعات الأوروبية، لم تستطع أن تقدم المعنى المطلق أو الممتلئ الذي كان يقدمه الدين في العصور الوسطى. وهذا هو سبب الإحساس بفقدان المعنى والغائية وانتشار العدمية في أحدث المجتمعات الأوروبية. ولكن الحل لن يكون في العودة التقليدية إلى الدين. فهذا شيء غير ممكن وغير معقول. وإنما الحل بالنسبة إلى أركون هو في البحث عن صيغة جديدة للعلمنة الروحية أو للإنسية الروحية من خلال الدراسة المقارنة لكل التجارب الروحية في كل المجتمعات البشرية. وهذا هو المنظور الإنتربولوجي الواسع لدراسة الأديان" (٢).

إن هذه النصوص تفضح فكرهم وتكشف تناقضه، فمع الاعتراف بعمق الأزمة العلمانية، إلا أنه يرى الحل بتعميق العلمنة والاستمرار فيها وترك ما جاء به الأنبياء من رب العالمين والارتماء في فلك دراسات معلمنة إلى العمق مثل الإنتربولوجيا، وهذا يعني مزيدًا من ذاك الفراغ والضياع والبقاء في عالم الضنك الذي لا يرتفع إلا بالدين الحق.

نجد في هذا النص اعترافًا بأزمة العلمانية، فهي أوصلتهم إلى صحراء قاحلة، ولم تنفع البدائل المقترحة من قبل العقلية العلمانية، فلماذا الإصرار عليها وهذه هي نتائجها؟!

وفي المقابل نجد في النص اعترافًا بمكانة الدين والحاجة إليه، ولكنه يرى أن المناهج القديمة غير قادرة على تفعيل دور الدين، ومن هنا تأتي دعوته لدراسته دراسة علمانية، ولكن أليس من التناقض أن ندرس الدين بمناهج ثبت في مجالها فقرها وإفقارها للجانب المعنوي من حياة البشر، فكيف حالها عندما تطبق على الدين!


(١) أين هو الفكر الإِسلامي المعاصر ص ٤٢.
(٢) المرجع السابق ص ٥١ هامش (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>