للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نصوص القرآن والسنة إجراؤها على ظاهرها دون تحريف لاسيما نصوص الصفات حيث لا مجال للرأي فيها"، واستدل بقوله -تعالى-: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤)} [الشعراء: ١٩٣ - ١٩٤]، وقوله -تعالى-: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢)} [يوسف: ٢]، وقوله -تعالى-: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣)} [الزخرف: ٣]، وعلق: "وهذا يدل على وجوب فهمه على ما يقتضيه ظاهره باللسان العربي، إلا أن يمنع منه دليل شرعي" (١)، وفي القاعدة الرابعة يقول: "ظاهر النصوص ما يتبادر منها إلى الذهن من المعاني، وهو يختلف بحسب السياق، وما يضاف إليه الكلام، فالكلمة الواحدة يكون لها معنى في سياق ومعنى آخر في سياق. وتركيب الكلام يفيد معنى على وجه ومعنى آخر على وجه" (٢).

فإذا انتقلنا من هذه القواعد إلى موضوعنا ونظرنا في النصوص المتعلقة بالكون لوجدناها نزلت بما يفهمه العرب من لسانهم، والظاهر من النص لا يعني بأية حال أنه يخالف الحقيقة، وإنما هو بحسب سياقه كما ورد في استقراء الشافعي -رحمه الله-، فمن استعجل من المعاصرين في نسبة معنى إلى آية من الآيات المتعلقة بأمور الكون دون انتباه لقواعد أهل العلم فقد يغلط، وكذا من جاء من أهل العلوم الحديثة أو ممن قرأها وزعم وجود آية تعارض هذه الحقيقة العلمية، فإنما أوتي من جهله بالنص القرآني وجهله باللسان العربي، فيقع في الغلط، ومن الأمثلة على الموضوع ما يُقال من تعارض في موضوع حركة الأرض والشمس بين العلم والدين.

فالنظرية الحديثة تقول بدورة الأرض حول نفسها ودورتها حول الشمس، كما أن الشمس تدور حول نفسها وتتحرك ضمن المجرة التي هي فيها، فيأتي أحدهم ويقول بأن القرآن يتعارض مع العلم في الموضوع، ويستشهد مثلًا بقوله -تعالى-: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ في فَجْوَةٍ مِنْهُ} [الكهف: ١٧].

فإذا رجعنا إلى قواعد علماء الشريعة فالأصل أن تبقى هذه الآية على ظاهرها ما لم يدل دليل على خلاف الظاهر، وفي ذلك يقول أحد علماء الشريعة


(١) القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى، محمَّد العثيمين ص ٣٣.
(٢) القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى ص ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>